أيلول.. "رِجع أيلول" يا فيروز!
رَجع وعادت أوراقه اليابسات الصفراءُ الملقاةُ على أطراف الشوارع وتحت الشبابيك كما غنّيتي، ونسائمه العشوائية التي تسير على غير هُدى، وغيومه الرقيقة التي تنافس شمسَ السماء في الظهور، ها نحن هنا يا فيروزتي الجميلة.. ونقطع في هذا اليوم بالتحديد منتصفَ ايلولك التائه مثلي، أحاول فهمه من بداية أيامه اجتهدتُ في فهمه كما اجتهدت في فَهمي، لكنّي لم استطع.. العبثُ الفوضوي في هذا الأيلول يعبث بي، هو يتأرجح بين صيفٍ وشتاء، ونسيمٍ باردٍ يتلوه نسيمٍ دافئ يعيد حرارةَ الأجساد، وشمسٌ حارقةٌ في منتصف اليوم تضرب الرؤوس وتجعل الأرواح عطشى حتى تُغيّم السماء وينجلي قرص الشمس خلف الغيوم الرقيقة مثلكِ!
تارةً يشرق بصباحٍ باردٍ ممتعٍ ولذيذ وتارة يشرقُ باهتاً دون ملامح، متقلّب المزاج الشهر الذي يُبكيكي يا عزيزتي، يحتضننا ويحنو علينا في ليالٍ، ويقابلنا في ليالٍ أخرى بالرفض والتخلي.. كم أنه قاسٍ ومزاجي يرقص على أوتار قلوبنا يجبرنا على التأقلم مع ظرف جوه، يبتسم فيسعدنا، فيباغتنا بالمحبة والهدوء فنكون مثله، سرعان ما ينعكس حاله ليعبس في وجوهنا ويملئنا بالسلبية والفوضى!
كأنه لا يعلم ما يريد، هل حقاً لا يعلم! أم أننا نجهل حقيقته، وجماله الكائن في تقلبه هذا، أخبريني يا فيروزة.. عن سبب وَلع من حولي بأيلول وانتظارهم الطويل له، أعلم أنه نقطة التحول لفصلي المفضل وبداية شعوري بالبرد، وبداية رجفة جسدي للنسيم البارد، يُجهزني للشتاء ولا لا أحب أن أتجهز بهذه الطريقة، أُحب أن يباغتني المطر، أن يفاجئني البرد وأشعرَ به يندس بين أطراف قميصي الى قلبي! أحبُ أن يلامس المَطر قلبي، ليرتوي قلبي!
حدثيني، أرجوكِ.. هل حبُ أيلول مرتبطٌ بالطبيعة البشرية المتقلبة؟ هل نشببه أم يشبهنا؟!
لا أخفيكِ أني أُحب نغمة كلمة أيلول ككلمة لا كشهر، أُُحب أسماء الفتيات الجميلات به، هل نغمته جميلة لأنك غنيتي له فوقع في قلبي رنين صوتك فاعتقدت أنها جمال الحروف بينما هي أوتارُ صوتك!!
هل أُحبُ أيلول؟ كما أحب صوتكِ المليء بالوجع فيه!!
#نورة_اسماعيل
15 أيلول 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق