أُحبُّ الشتاء وأنتظر قدومه بشغف وأشتاقُ لترنيمات الرّياح خلف النوافذ المغلقة.. وأهربُ بنفسي في تأمل كل قطرة مطر تبكيها سحابة حزينة على باب منزلنا.. وأشعرُ برعشةٍ لذيذة حين تسقط مَطرة صغيرة على غصن أحد أحواضِ الورود في شرفة منزلنا وكأنّها سقطت في قلبي ... ثم إنّي أحبُ الملابس الشتوية والقبعات والقفازات والأكوابِ الساخنة.. وأعشقُ الشمس في محاولاتها الصباحية للظهور من خلف ضبابٍ كثيف يحجبُ رؤيتها.. وأتشوق لملأ صدري بنسائم الهواءِ الصباحية الوادعة الباردة فأشعر بأنَّه لن يضيق بعدُ أبداً.. وأستمتع أفضل استمتاع أثناء تجوالي في شوارع مدينتي المبللة.. أسير فيها وحيداً كهائم، وأتأملُ العمارة القديمة والحديثة وأشعر بأنًّ كلّ زاوية عتيقة فيها تعرفني أكثر من نفسي، إذ تعاقبت عليها الشتائات وبقيت لأعوامٍ تحت مرمى المطر... وأكثر ما يعيدُ اليَّ صفوَ عقلي كأسُ قهوةٍ ساخن من عجوز الشارع المتنقل أحتسيه بنهم وتمهل في آنِ الوقت حتى أشعر أنّي أُحلقُ في فضاءِ الله وأكادُ أُلامس النجوم البعيدة المضيئة الدافئة..
لكنْ أتدري يا صديقي، رغم أنًّ الشتاء أفضل الفصول لدًّي ومن أكثر أشيائي حباً... إلا أنّه غير عادل، يصيبُ أرضنا بالبلل وقُلوبنا بالجفاف!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق