يُسعدنا في بوابة اليمامة الثقافية محاورة الشاعر والكاتب الإعلامي الفلسطيني الكبير أنور الخطيب ؛ لنستفيدَ من تجربته الأدبية الواسعة والوقوف على عطائه المستمر ، حيثُ أصدر أديبُنا أعمالًا أدبيةً مهمةً أثرثْ المكتبة العربية، في رصيده ثلاث مجموعاتٍ قصصية، ثمانِ دواوين شعرية، أربعة عشر رواية.
يحاوره الكاتب نصر أبو بيض ( محرر أدبي في بوابة اليمامة الثقافية)
• هل الأدب قادر على تغير الواقع فعلًا، وما هي وظيفةُ الأدب من وجهةِ نظرك؟
- سؤال ينطوي على إشكالية كبيرة تتباين في الإجابة عليه المدارس الأدبية والنقدية والمشتغلون في الأدب، إذا كان الأدب يغير الواقع فإنه يفعل ذلك عن طريق التراكم المعرفي والوجداني، الذي يرفع من نسبة الوعي بين الناس ويهذبهم وييطور ذائقتهمار مع بوابة اليمامة الثقافية
- يُسعدنا في بوابة اليمامة الثقافية محاورة الشاعر والكاتب الإعلامي الفلسطيني الكبير أنور الخطيب ؛ لنستفيدَ من تجربته الأدبية الواسعة والوقوف على عطائه المستمر ، حيثُ أصدر أديبُنا أعمالًا أدبيةً مهمةً أثرثْ المكتبة العربية، في الحب، لأنها مجدولة بالتجربة الذاتية والعامة. وستتعاظم حاجتنا للحب كلما انتشرت المادية في عالمنا، وكلما اتسعت رقعة الكراهية، الحب هو حصن الإنسان النقدية فيشاركون في إبداء رأيهم بالشأن العام والقضايا الملحة والمصيرية، والأدب المقاوم يأتي في مقدمة هذه المدارس لأنه يحتك مباشرة بالجماهير، إذ يمكن لقصيدة ملتهبة وحماسية وصادقة أن تدفع الناس للخروج في مظاهرة أو تهيؤهم لفعل مقاوم وتمردي، لكن هذا نادرا ما يحدث في مسيرات الشعوب نحو التغيير. الأدب وخاصة الار مع بوابة اليمامة الثقافية
- يُسعدنا في بوابة اليمامة الثقافية محاورة الشاعر والكاتب الإعلامي الفلسطيني الكبير أنور الخطيب ؛ لنستفيدَ من تجربته الأدبية الواسعة والوقوف على عطائه المستمر ، حيثُ أصدر أديبُنا أعمالًا أدبيةً مهمةً أثرثْ المكتبة العربية، في الحب، لأنها مجدولة بالتجربة الذاتية والعامة. وستتعاظم حاجتنا للحب كلما انتشرت المادية في عالمنا، وكلما اتسعت رقعة الكراهية، الحب هو حصن الإنسانشعر فعل ذاتي يلقي بظلاله على المجموع حين تلتقي معاناة الفرد بمعاناة الجماعات، والمسرح أيضا يمكن أن يتسم بفعل تحريضي نتيجة التفاعل المباشر. ووظيفة الأدب من وجهة نظري هو تعزيز قيم الخير والعدالة والوطنية والحب في وجدان الجماهير القارئة، والتعبير الصادق عن هذه القيم والمبادئ الإنسانية. وأجد أن على الأدباء في عصرنا الحالي على وجه الخصوص، أن يكونوا صادقين في طرحهم وأن يحرصوا على ألا تكون بين نتاجاتهم والوعي العام فجوة، كما يحدث منذ سنوات حين لجأ كثيرون إلى التجريب والحداثة وما بعد الحداثة بينما شعوبنا العربية بالذات لا تزال تعاني من الأمية الأبجدية.
• الكثيرُ من الكُتّاب يذمون النشر الإلكتروني، ما رأيك به وما مستقبل النشر الورقي، هل يمكن أن يتراجع؟
- النشر الإلكتروني شئنا أم أبينا أصبح حقيقة لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها، ومن لا يعترف بهذا ويتجاهله سيكون في آخر الركب. المؤسف أن عدداً كبيراً من الكتاب لا يحترمون النشر الإلكتروني وينظرون إليه بدونية، خاصة تلك الكتابات التي تُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر وغيرهما). نحن نعيش اليوم في قرية صغير إن لم نكن في شاشة فضية مستطيلة، ومن لا يدخلها سيبقى خارج العصر، يكفي النشر الإلكتروني أنه قهر الرقيب وتجاوز الحدود ووصل إلى أصقاع الأرض كافة. وللإجابة على سؤالك المهم يجب الاعتراف أن استخدام العرب لتكنولوجيا المعلومات لا يزال في المستى دون المطلوب بسبب انتشار الأمية الأبجدية والأمية الإلكترونية، ولهذا سيستمر النشر الورقي لسنوات طويلة، ولن يحدث عندنا كما حدث في العالم المتمدن الصناعي الذي حول كبريات الصحف المجلات الشهيرة إلى مطبوعات إلكترونية، ولن يتراجع النشر الورقي في الوقت نفسه والنشر الإلكتروني سيتطور وسينتشر ولكن ببطء.
• للشعر العربي خصوصية إيقاعية، ما رأيك في ترجمة الشعر العربي إلى لغات أخرى؟
- ربما تعني القصيدة الكلاسيكية بسؤالك، ترجمة هذه القصيدة صعبة للغاية رغم أن هناك من حاول، لكنه بالتأكيد لم يلتزم البحور والقافية والوزن، ومن جهة أخرى لن يحول الإيقاع دون الترجمة، لأن الهدف ليس نقل الشكل وإنما المضمون. لقد مارست ترجمة الشعر في السابق وكانت مهمة صعبة للغاية. برأيي أن الإيقاع ليس هو العقبة في طريق ترجمة الشعر، العقبة تكمن في كيفية ترجمة الصور الشعرية المكثفة والرموز وسياق المرجعية الثقافية للنص الشعري، وبرأيي أن القصيدة الحديثة بما تحمله من كثافة ورموز لن تكون ترجمتها سهلة على الإطلاق، إذ أنها فضاء مفتوح على التأويل بالنسبة للقارئ العربي أو الناقد العربي، فكيف ستكون لغير العربي. وهناك مسألة أخرى تتعلق بأهمية إجادة المترجم للغة العربية واللغة التي ينقل إليها الشعر العربي والترجمات الناجحة للشعر هي التي ترجمها غير عرب.
• الشعراء العرب منذ إمرئ القيس كتبوا عن المرأة والحب، هل يُثري الحب التجربة الأدبية؟
- الحب منذ الأزل هو محرك الإبداع لدى الرجل والمرأة، والأديب عاشق أزلي في مراحل عمره كافة. الشعر الذي يخلو من الحب شعر ناقص، والرواية التي تخلو من المرأة وقصص الحب هي رواية ليست إنسانية، الحب في رواياتي يشكل عامودها الفقري، كتبت (مس من الحب، وسماء أولى جهة سابعة، وند القمر)، وكان الحب جوهرها مغموسا بهواجس الوطن والمنفى، وجميع رواياتي تتضمن قصص حب بالمعنى الكلي للمفردة. الحب يثري التجربة الأدبية بلا أدنى شك، بل أعتقد أن أصدق الأعمال الأدبية هي ما كانت عن الحب، لأنها مجدولة بالتجربة الذاتية والعامة. وستتعاظم حاجتنا للحب كلما انتشرت المادية في عالمنا، وكلما اتسعت رقعة الكراهية، الحب هو حصن الإنسان للحفاظ على إنسانيته.
• يرى البعض أن النّقد يجب أن يسير في خطٍ متوازٍ مع الأدب ؛ هل برأيك يحتاجُ الكاتب لناقد دائمًا أم أن الكاتب هو ناقد نفسه؟
- النقد بشكل عام هو علم قائم في ذاته، يبحث في اللغة والصورة والحركة، وتشمل حركة الكون أيضا، وهذا العلم ليس شعبيا وإنما ينحصر في نخبة النخبة. والناقد الأدبي مهمته إضاءة النص من جميع جوانبه الموشوعية والشكلية، ولهذا الكاتب في حاجة للناقد مهما ارتفع شأنه وتجذرت حرفيته، وقد يكتشف معان وأفكارا وعلاقات ليست في ذهن الكاتب، ومن ناحية أخرى يجب أن يكون الكاتب ناقدا لأعماله، وعلى الصعيد الشخصي، عندما أنتهي من كتابة قصيدة أو نص أدبي أو رواية فإنني أضعها جانبا لمدة زمنية ثم أعود إليها بعين الناقد، فلا أتردد في الشطب والتعديل والإضافة، وأحيانا يصل الأمر إلى إلغاء العمل بشكل كامل وأعيد كتابته وفق إيقاع فكري وموضوعي متطور يستند إلى الجوهر الأصلي، وحصل معي أن كتبت روايات أكثر من مرة، حدث هذا في رواية فتنة كارنيليان ورواية سماء أولى جهة سابعة، أما روايتي الجذور المنشورة فهي نسخة جديدة كليا عن المخطوطة الأولى. وإذا جاز لي أن أقول شيئا عن واقع النقد، فإنني أزعم أن النقد في تراجع كعلم وكمرافق للعمل الإبداعي، ناهيك عن الشللية التي أطاحت بمصداقية العديد من النقاد.
• للفسلفة دورٌ كبيرٌ في فَهم خُلجات النّفس؛ برأيك ما هو أثر الفكر والفلسفة في الشعر؟
- منذ الحضارات الإغريقية والشعر باطنه الفلسفة، صراع بين الأفكار والقيم والآلهة، وجدل بين القدرية والجبرية، وهي كلها من صنع البشر، والبشر فصيلة مفكرة تطمح إلى الإنسانية كما قال الفيلسوف الإيراني د. علي شريعتي، والشعر يطمح للارتقاء بالإنسانية عن طريق الوصل إلى الذات الفردية والعليا، وأعتقد أدونيس قال أنه يكمن في كل شاعر فيلسوف، والفلسفة في الشعر ظهرت في الشعر الجاهلي وما بعده من عصور ويكفينا أبو العلاء المعري في تأملاته ومواقفه. وباختصار الشعر والفلسفة توأمان، ولهذا يطمح الشعر الحديث إلى أن يضمن مقولات ترددها الأجيال، ولعل العظيم محمود درويش من أكثر الشعراء الذين قدموا مقولات في أشعارهم. الشاعر لم يعد مدفوعا بالمناسبات ليقول شعرا، إنه يلجأ إلى كهفه الناري الملتبس ليقول فلسفته الخاصة ويخرج من قصيدته أو نصه بسلام ليعود فيغرق في ألمه الوجودي في نص آخر. أتحدث عن الشعراء المنشغلين بقضايا كبيرة، وهذا الشعر هو الذي يُخلّد.
• أصدرت عددا كبيرا من الأعمال الأدبية ما بين الشعر والرواية والقصة والتي تركت أثرا واضحا في الأدب العربي، فما هو مشروعك الأدبي القادم وما رسالتك للكتاب خاصة الشباب؟
- مشروعي القادم أسير في على جبهتين، الأولى في الشعر الذي بدأ يتحول مفهومه في داخلي وقد أكتب بطريقة مختلفة في الفترة القادمة، والثانية في الرواية، وقد تحدثنا قبل قليل عن الفلسفة، إذا بدأت رواية قبل مغادرتي الإمارات بعنوان رقصة الفيلسوف، وكتبت فيها حوالي أربعين صفحة قبل مغادرتي الإمارات، وسأكملها إن شاء الله بعد الشعور بالاستقرار والتخلص من بعض المشاكل الصحية، وتتحدث عن فيلسوف فلسطيني شهير أثار جدلا واسعا على الصعيد الفكري والسياسي العربي، وبالتالي لن تكون سهلة على الإطلاق، وميزتها أنها ستحفر في القضية الفلسطينية بشكل مختلف خلال وبعد ما سُمّي بالربيع العربي، أما رسالتي للكتاب الشباب، فلا أجد نفسي في موقع أنصح فيه الكتاب ولكنني سأوجز فأقول: اجعل الكتابة وظيفتك الأصلية حتى لو كنت تعمل في وظيفة أخرى، اكتب يوميا واقرأ يوميا واشطب وعدل يوميا كأنك تعيش في ورشة عمل دائمة، على أن تكون مخلصا وصادقا.
• لو تعطي القارئ الكريم نموذجًا من شعرك؟
هذا نص غير منشور أهديه لبوابة اليمامة الثقافية مع شكري وتقديري لاهتمامكم.
زهايمر الوطن
كابنٍ غيرِ شرعيٍ لانثى الزمان
مريضٌ بزهايمر المحطات
أسير كأني سأسقط فيّ من خلل في التوازن
أو من مللٍ في توازي المسارات،
في سيارة الإسعاف أو سيارةِ ما قبل موت الألم
يرافقي استشاريُّ موتي،
يسألني بلا مبالاة مقبلٍ على الحياة:
"هل تتذكر جهة واحدة نسري إليها؟
تعبنا من صدودِ ما قتلتَ في الذاكرة.."
قلت كمحييَ عشق عتيق: "جهة الرحم يا سيدي"
وأضفت، كأني لُطمتُ بكفيَّ:
"أذكر جيدا شهوة الأب المدمنِ نشر اليتم في المنافي
كيف أتى أمي على راحلة فانزلها
وكنت نطفة بعد نزاع قصير
وحين استويت مضغة قال لها:
اذهبي في اللاطريق المؤدي الى جهة الالتباس
واسألي الناس.. عن ركن قصي فانتبذيه
وحين تُصلبين هناك لا تهزي جذعَ أيِّ شيء
لن يساقطَ معنى المتاهةِ كي تُرشَدين الى القداسة"
امتطت امي راحلةَ
شقت الصحراء بلعنة حَملِها
فكنت انا الذي لا اعرفني .. ولا ادركني.
سألت الطبيبَ المرافقَ لي: من يقود بنا سيارةَ الإسعاف
فأجاب: "أنت ...."
قلت: "هل تتذكر جهة واحدة نسري اليها آمنين؟"
قال: "جهة الرجم يا سيدي.."
وأضاف بعد صفعة لجبينه:
"أذكر جيدا أمي على الراحلة
وكيف اوقفها رجل في مقام العشق وعشّقها
فكنت عَلَقةً دفعة واحدة"
سألت الطبيب: أكان أباك
اجاب: "بل كنت انا
أذكر جيدا كيف زنيت بها وابتعدت عن الحدود
وها أنا ..وأنت .. وهم
وكل ساكني المحطات نغني لها، كي تعود..
سألني: ومن هذا الذي يقودنا
قلت: هذا ابننا يرسم صورة أخرى لأمّنا
وهي تجهضنا واحدا واحدا
وتلقي بنا على اللاطريق المؤدي الى المِحن
كمرضى بزهايمر الوطن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق