الأحد، 28 أبريل 2019

شواطئ الأدب يقيم أمسية شعرية بعنوان ( حدائق المجاز).



طلال بدوان - ملتقى شواطئ الأدب.

أقام ملتقى شواطئ الأدب أمسيةً شعرية كبيرة بعد عصر اليوم السبت (الموافق27 أبريل من العام 2019) والتي جاءت تحت عنوان ( حدائق المجاز ) حيث غرد فيها ثلة من الشعراء والفنانون كما تخللها دراسة نقدية لأدب الشاعر محمود مفلح قدمها الشاعر الناقد جواد الهشيم وذلك بحضور كوكبة من المهتمين والمثقفين والأدباء من أبناء القطاع والجدير بالذكر أن الأمسية حملت رقم 470 في سلسلة أمسيات الملتقى التي تتجدد أسبوعيًا في نفس الزمان في مقره الدائم في قاعة مؤتمرات بلدية النصيرات شمال مسجد الفاروق .
وكان المشاركون في أمسية (حدائق المجاز) كالآتي:
1_ سليمان الحزين إدارة.
2_ حازم البحيصي شعر.
3_ مريد الوحيدي شعر.
4_ جواد الهشيم دراسة نقدية عن محمود مفلح.
5_ مصلح أبو غالي شعر.
6_ أسامة الناطور شعر.
7_ عبد السلام زريد شعر.
8_ عازف الربابة.
9_ محمود أبو زينة شعر.
10_ أحمد جبريل شعر.
11_ منتصر أبو عمرة سيرة ذاتية وقصيدة لمحمود مفلح.
لاقت الفقرات استحسان الجمهور
كما ووعد ملتقى شواطئ الأدب بالمزيد من هذه اللقاءات المتنوعة ضمن خطته لهذا العام.



السبت، 27 أبريل 2019

الفنانُ التشكيليُّ فايز الحسني يقيم معرضًا في أستراليا.





أستراليا - بوابة اليمامة الثقافية .

أقام الفنانُ التشكيليُّ الفلسطينيُّ فايز الحسني معرضًا فنيًا في مدينةِ سيدني الأستراليّة تحت عنوان (ملامح وطن) ، وافتتحَ المعرضَ السفيرُ الفلسطينيُّ الدكتور عزت عبد الهادي، يوم الجمعة (26 أبريل -2019) وسط حضورٍ رسميٍّ وشعبيٍّ كبير.




الثلاثاء، 23 أبريل 2019

الحداثة وتأثرها بالتوراة: فاتن فاروق عبد المنعم




فاتن فاروق عبد المنعم - مصر . 
مازال الحديث لنازك الملائكة إحدى أقطاب المرحلة الثانية من الحداثة، في نفس السياق السابق ذكره في المقال الأول ومن نفس المصدر السابق قالت في مقابلة أجريت معها:
يعاني شعرنا المعاصر الحديث من مجموعة إشكالات منها التعمية والتقليد وأخطاء الوزن وضعف اللغة واستعمال اللغة العامية.
أما التعمية فهي تعمد الغموض الشديد في  الشعر بحيث يقرأ القارئ القصيدة الكاملة ولا يفهم منها حرفا، وقد تعالت صيحة القراء واحتجاجاتهم في كل بقعة من العالم الإسلامي والعربي، والمواطن اليوم مجروح وحزين لأن قضية العدو الصهيوني تذله، وهو ينتظر من شعرائه أن يعبروا عن ثورته ورفضه وسخطه فلا يجد لدى الشعراء سوى أشطر كثيرة لا معنى لها وعندما لجأ القاريء إلى نقاد الشعراء المحدثين فلم ينتصر لهم لأن الناقد متواطيء مع الشاعر في كثير من الأحيان، فهو ينقد القصيدة نقدا غامضا لا سبيل إلى فهم عبارة منه.. والمشكلة الكبرى في نظري أن الشاعر هو نفسه لا يعرف أن يشرح قصيدته ولو أنه كان قادرا على إيضاح المعنى لاستطاع الناقد ذلك أيضا ولفهم القاري القصائد.
أما البند الثاني “التقليد” وهو لا يقل خطورة عن الأول، فالشعر الحر الذي ينظمه اليافعون فذلك هو الشعر الذي يعشعش فيه التقليد، إن الواحد من الشعراء يقلد زملاؤه دون تجديد ولا أصالة، ولذلك تنتشر في شعرهم ظواهر معينة ينقلها الواحد عن الآخر مثل التظاهر بالاهتمام بالأسطورة.
وقد اعتبر الحداثيون أن نازك بكتابها قضايا الشعر المعاصر ردة وتخلف.. ويعترف الشيعي الشيوعي اللبناني حسين مروة بالتبعية للغرب فكرا وسلوكا وممارسة فيقول:
“لقد كنا في لبنان مصابين بانتشار ألوان من الأدب والفن الانحلاليين وكان معظم أدبائنا وفنانينا متأثريين بالمؤسسات الأجنبية والمدارس الفرنسية في الفن والأدب والفلسفة، من رومانتيكية وسوريالية وانطباعية ووجودية، يقلدونها جميعا ويتعصبون لها ويقفون بوجه الحركة الواقعية في الأدب والفن”
ولا يخفي الحداثيون بغضهم للعربية وإن كتبوا بها ورغبتهم في التخلص من الأحرف العربية واستخدام اللاتينية وآخرين يرغبون في التخلص من الفصحى والالتزام بالمعاجم وقواعد النحو فضلا عن دعوات تتردد من آن لآخر باستخدام اللغات المحلية، ويوجز هذا الجزائري البربري الملحد كاتب ياسين الذي كتب مقالا مطولا أنهاه بقوله:
“لقد فرض علينا الإسلام دينا، وذلك في بلد يقول بالاشتراكية نظاما، وهو أمر على جانب كبير من الخطورة، أضحيت شخصيا موضع حملات صحفية، وصفتني بأنني عدو العرب والدين والضاد، فهل من الممكن أن أكون عدوا للغة، هذا مع العلم أنني توقفت عن الكتابة بالفرنسية وانصرفت إلى الكتابة بالعربية واللغة المحلية.
في الحقيقة أنني ضد الفصحى، إن استمعت إلى إحدى النشرات التليفزيونية لقلت أنه معيب في الواقع استعمال لغة بليدة جافة متعبة، تعتمد الجمل الطويلة بحيث تخالها بلا نهاية.
لدينا كل الدوافع لمحاربة العروبة الإسلامية لأنها هي التي مع دخول الإسلام الجزائر قضت على الثقافة واللغة الجزائرية وحتى يمنع بعض الجزائريين وحتى يمنع بعض المدرسين تلاميذهم التكلم بلغة البلاد الأصلية المسماة بالبربر، علما بأنها لغة البلاد الأصلية”
أما الجزائري البربري نبيل فارس فقد صرح بقوله:
“إن بلدان المغرب العربي تعرضت لغزو عربي إسلامي، وأن الإسلام ليس إلا ظاهرة تاريخية وأن دخوله إلى المغرب كان دخولا عسكريا استعماريا وأن العرب عجزوا عن الوقوف على ظاهرة البربر وفهم تاريخهم”
الاحتلال الفرنسي للجزائر ظل مائة وثلاثين عاما، رحل ولم يرحل، فقد اطمئن إلى وجود مثل هذه الكيانات التي تنوب عنه فلماذا يتركون بلادهم ويأتوا إلينا بصفتهم ويقاومهم البعض منا لأنهم محتلون.
ولا يخفى على أحد دعوة جملة من الكتاب والفلاسفة والشعراء الذين درسوا في مدارس الإرساليات التبشيرية ثم في جامعات فرنسا وانجلترا فرضعوا فكرهم الشعوبي(الذين ينفون عن العرب أي فضل حضاري يذكر والكارهين للعرب واللغة العربية والإسلام) الطائفي من أصول الاحتلال قديما وحديثا لإقامة “سوريا الكبرى” وكونها موصولة بأصلها بالحضارة الأوروبية ذات الأصول الرومانية حيث رزحت سوريا ولبنان لألف سنة تحت احتلال الرومان وأن أصلهم فينيقيين، وعلى رأس الداعين لذلك المتوثن أدونيس وسعيد عقل وأنطون سعادة.
ويأتي نصر حامد أبو زيد ليأخذ مكانه بالصف، صف الحداثيين فيقول:
إن النصوص الدينية ليست في التحليل الأخير سوى نصوصا لغوية!!!!!!!
وفي موضع آخر يقول:
إذا كنا نتبنى القول ببشرية النصوص الدينية فإن هذا التبني لا يقوم على أساس نفعي أيديولوجي يواجه الفكر الديني السائد والمسيطر بل يقوم على أساس موضوعي يستند إلى حقائق التاريخ وحقائق النصوص ذاتها.
ما هي الحقائق التي استند إليها ليقول ببشرية القرآن؟
أما خالدة سعيد زوجة المتوثن أدونيس فلم تخفي رغبتها بإعادة تعدد الآلهة التي كانت عن طريق الشعر فتقول في مجلة شعر ببيروت عام 1960.. الشعر يحل مكان الدين ويصبح ميتافيزيقيا المجتمع الحديث حيث يلعب الشاعر دور الآلهة التي اختفت.
ولم يخذلها شعراء الحداثة فالآلهة لديهم لا حصر لها ولا عدد.
أما الشاعر اللبناني يوسف الخال فقد أثبت أن جمود العرب كان بسبب تركهم التراث الإغريقي الروماني المسيحي حيث قال:
“إن اختناق العقل العربي قد ترافق مع سيطرة التراث الهندي ومنه الفارسي بدل التراث الإغريقي الروماني المسيحي على الحياة العربية، فإذا بالعرب يروحون في سبات مظلم عميق يستمر ألفا من السنين بمعنى أنه يرى أن العقل العربي هو إغريقي غربي وبذلك لم يخرج عن قول طه حسين:
“الذي يرى العقل العربي عقل متوسطي تكونت روابطه الأولى مع العالم الإغريقي الغربي منذ مراجعه في فينيقيا وما بين النهرين في “الهلال الخصيب” مما يعني أن الاندماج في العالم الحديث الذي هو نتاج العقلية الإغريقية الأوروبية ليس إلا عودة إلى جذور العقل العربي المتوسطي وينابيعه الأولى المرتبطة بهذه العقلية، وبذلك يبدو الاندماج بالغرب وكأنه استكشاف “للهوية القومية الحضارية” نفسها، فالعقل العربي في اندماجه بالغرب يستعيد منه ما كان قد أعطاه له”
أين حمرة الخجل، أين الذين يقدسون هذه الأسماء، هذا الارتماء المهيض عند أقدام آخرين وكأننا أمة لقيطة أو جملة اعتراضية في كتاب التاريخ الإنساني، نلصق أنفسنا بماضي وجذور آخرين كأننا نبت شيطاني لا أصل له ولا صفة، نستعير هوية الآخر ونحاكيه ونحن معصوبي الأعين حتى نلحق بركب الحضارة!!
إنه خبث المخبر والطوية، تلك الكيانات ليست إلا بوق الآخر الذي يتمسحون به وبوقا أكثر نفيرا، يريدون منا أن نتحول إلى مسوخا بشرية، إن هذا ليس إلا جذور التردي الذي نعانيه اليوم.
وانعطافا على ما سبق نجد شعراء كالسياب والبياتي والملائكة فإن أشعارهم تمتلئ بجملة الآلهة والأساطير الفينيقية واليونانية والبابلية والصينية ليبينوا للغرب وعملائه الذين ينتمون إليهم أنهم حداثيون مثلهم فينالوا الحظ والحظوة، فلما اتهم السياب خصوصا من القوميين العرب بأن رموز الوثنيات الأعجمية يمتلأ بها أشعاره فرد ردا باهتا بأن عشتار هي العزى، واللاتو هي اللات، وتوز هي ود فكان عذرا أقبح من ذنب.
من أشعار البياتي يمجد فيها عشتار:
بابل تحت قدم الزمان / تنتظر البعث، فياعشتار / قومي، املئي الجرار
ويقول مخاطبا عشتار:
….بين نهديها الصغيرين، وفي أحشائها بركان يثور/ حيث تنشق البذور/ ترضع الدفء من الأعماق تمتد جذور/ لتعيد الدم للنبع وماء النهر للبحر الكبير/ والفراشات إلى حقل الورود / فمتى عشتار مع العصفور والنور تعود؟
وطبقا لبروتوكلات صهيون وبتتبع تاريخ اليهود، كان لزاما علينا أن نبحث عما تفعله أيديهم وهم من وصفهم ربنا عز وجل”يسعون في الأرض فسادا”
أولئك الذين أحدثوا ما أحدثوه في الإنجيل وهم وراء إضلال المسلمين عن طريق عبد الله بن سبأ اليهودي، وهم مؤسسوا الداروينية والماركسية والفرويدية والمذاهب التي تدعو للإلحاد فضلا عن كونهم خلف الكثير من المؤامرات السياسية والإقتصادية بالإضافة إلى نظرتهم للآخرين باستعلاء واحتقار، فهم يرون أنهم مسخرين لخدمتهم، يرون أنفسهم شعب الله المختار!!
لذا هم منغلقون على أنفسهم فلا يبشرون بدينهم ولكنهم استعاضوا عن ذلك بإفساد عقائد الآخرين، فكان التأثير في الأدب بإدخال رموزهم ومفرداتهم التوراتية والتلمودية في مختلف الأجناس الأدبية، وعلى رأس المتبنين لنشر هذا الفكر وإعماله في الأجناس الأدبية اللبناني يوسف الخال وتوفيق الصائغ الذي قال:
وأنا هيكل غاب عنه القدس/فكنت القدس: قدسا واشتهيك.
فاليهود هم من يدعون وجود هيكل سليمان بالقدس، وقد كتب في دراسة مطولة عن “التوراة كأدب” وقد كتب في دورية “النشرة” تحت عنوان الشاعر الأول والذي في نظره هو رجل الدين الأول، ديوانه الأول الطبيعة والثاني هو الحياة والثالث هو المرأة والرابع هو الكتاب المقدس.
ثم يسهب ليقول:
سفر أيوب من أعظم الطرف الشعرية الكبرى، ولعله أعظم قصيدة فكرية معروفة، وسفر المراثي يضم بعضا من خيرة المراثي الوطنية العالمية وفي المزامير قصائد غنائية شجية، لا تجاريها إلا بعض القصائد المتفرقة في دواوين الأشعار الأخرى، وفي نشيد الإنشاد نقرأ أعذب أنشودة للجمال والربيع، وأبدع قصيدة حب عرفتها الأزمان كما وصفها توفيق الحكيم.
ثم تحدث عن الحكم والأمثال في التوراة ويثني على الشعر في الأدب العبري كونه يخلو من القافية والوزن إلا فيما ندر، ويخلص في بحثه إلى أن القصائد العالمية من الأدب العبري واللاتيني والإغريقي كلها غير مقفاه، والقصائد العالمية في الأدب الأوروبي كلها من الشعر المرسل، ولم ينسى الربط بين التوراة والأدب العبري وتأثيره في الأدب الإنجليزي.
لاحظ مايقول “الأدب العبري واللاتيني والإغريقي والأدب الأوروبي من الشعر المرسل غير الموزون أو المقفى وبالطبع كان لزاما عليهم أن يقطعوا الشعر العربي من جذوره ويصبح مثل سالفي الذكر”
ويفصح توفيق الصائغ أكثر عن تأثير التوراة في الأدب العربي فيقول:
أما أثر التوراة في الأدب العربي فلم يكن قديما ذا شأن في المحيط الإسلامي الذي نشأ فيه الأدب العربي، لكن في العهد الحاضر وبعد الاختلاط بأوروبا والأدب الغربي، وانتشار الثقافة العالمية المعتمدة إلى حد كبير على المسيحية، أخذ الأدب المسيحي يقوى، وفي أواخر القرن الماضي ظهر في الشعر نزاع طائفي بين المسيحيين والمسلمين، أما في هذا العصر فصرنا نرى كثيرا من القصائد تدور حول مواضيع من التوراة، أو تحوي استشهادات منها، أو متأثرة بإسلوبها ومن أمثلة ذلك كتابات جبران خليل جبران المختلفة ومسرحية “بنت يفتاح” لسعيد عقل وقصائد “شمشون” و”لوط” لإلياس أبو شبكة الذي نشر أثر التوراة في الأدب العالمي.
وعن علاء المعري كتب مقالا في مجلة الكيلة يعزي إبداع المعري إلى تأثره بكهنة الكنائس وأسفار التوراة وليس بالأدب العربي ولا بالثقافة العربية ولا بالإسلام في شيء حيث قال:
لم يهتم أبو علاء المعري بما كان يهتم به الأدب العربي من مواضيع لا تبتعد إلا في النادر عن الحواس، ولم يتأثر بالمميزات العربية في الأدب، أو بما كان الأدب يستلهمه، بل استلهم بيئته وحدها، وحوى برأسه الثقافة المنغمسة بالغرب، والتي وصلت إليه من خلال معلمي اللاذقية وكهنتها، وأثرت فيه بعض كتابات أسفار التوراة، هذه كلها لم يستمدها إلا من حضارة بلاده، ولم تكن لتوجد إلا في بلاده فنظم ونثر وحلق في تفكيره وتخيله واهتم بالمجردات، ورحل إلى العلا، وحرر الشعر من النظرة الهيمية، وبحث في المجتمع فانتقده، وبكل المثل البائدة فندد بها، وبالمرأة فقذف بها في أبياته الساخطة، وقاتل في سبيل حرية الفكر فخرج شاعرا وشاعرا فريدا، يستمد تفكيره ومزاياه وشخصيته من بلادنا وتتمثل أمتنا فيه.
فضلا عن كم الأكاذيب والافتراءات فيما قال عن المعري فإنه الدعاية المجانية للانغماس في الغرب ودعوة صريحة لكل شاعر يرغب في أن يكون مبدعا عالميا متطورا أن يأخذ عن كهنة الكنائس وأسفار التوراة.
وهنا يتضح لنا جذور إلغاء القافية والوزن من الشعر العربي الحديث وبمعنى أدق جذور ما يسمى بالحداثة.
وهنا يصف حنا عبود في مقال عن الأدب العربي الحديث بعد الحرب العالمية الثانية، ويتعرض للبعد الديني ذاكرا المسيحية ثم اليهودية والذي ختم حديثه عنها قائلا:
وسواء أكانت اليهودية ديانة فراتية أم صحراوية أم مصرية، فإنها تظل من جملة ديانات الشرق الأوسط، أو الشمال الأفريقي، فإنها على كل حال لم تحارب كديانة غريبة عن المنطقة، وإنما استخدمت من أجل مآرب قومية وإنشائية.
وها هو المتوثن أدونيس يؤكد في قصيدة “أرواد يا أميرة الوهم” أنه اعتمد فيها على الأسلوب الشعري القديم في فينيقيا وما بين النهرين، وهو الأسلوب الذي ورثته التوراة في أروع أشكاله وتأثر به الكثير من شعراء أوروبا وطوروه وآمل في استخدام هذا الأسلوب من التعبير الشعري، أن أضع مع زملائي الشعراء حجرة صغيرة في الجسر الذي يصلنا بجذورنا وبحاضر العالم.
ولم يفتأ يستخدم مفردات تخص الديانة اليهودية مثل “مزامير الإله الضائع”، وفي مقطوعة “إرم ذات العماد” سمى المقطع الأول “مزمور” وكذلك في مقطوعة “الزمان الصغير” ، ويعبر عن منهجه الحداثي بمفردات توراتية فيقول:
أعلن طوفان الرفض / أعلن سفر تكوينه.
ومن الطبيعي أن تلحق نازك الملائكة بالركب لتستخدم المفردات التوراتية فتقول في مقدمة نثرية لقصيدة بعنوان التماثيل تقول:
هدية لقائمة الأسماء الغامضة المنطفئة التي جاءت في سفر التكوين من العهد القديم.
والبياتي لم ينسى دوره بالإعلان عن نفسه كحداثي كبير يستخدم “سفر الخروج ليبحث فيه عن المعنى” عن المخرج والطريق والدرب ويقول:
لسيدي أكتب ما أراه في خارطة التكوين / وكتب المستقبل الساكن في الماضي، وسفر العودة – الخروج.
ويصف جهاد فاضل المرجعية الثقافية والفكرية لصلاح عبد الصبور فيقول:
واستخدم صلاح التراث القديم وتراث الشعر الشعبي المصري، واستخدم حتى تراث الصوفيين وتراث الكتب المقدسة، وبالتحديد لغة التوراة والإنجيل إلى جانب استفادته من ثقافته الانجليزية.
أما سميح القاسم فيقول عن نفسه أنه مكره :
أن أصبح إيليا في القرن العشرين
ثم يكتب في الهامش أنه نبي يهودي حارب الأوثان، وينسب إليه أنه قتل كهنة بعل.
وبالطبع لم ينسى كسابقيه أن يستخدم مفردات توراتية فيقول:
هنا سفر تكوينهم ينتهي/ هنا سفر تكويننا في ابتداء.
وفي مقطع له بعنوان “يهوشع مات” وهي تسمية يهودية لنبي الله يوشع بن نون عليه السلام يورد شرحا عن مراده بيهوشع ونصا طويلا من التوراة العهد القديم – يشوع – الإصحاح الأول وفيه يسخر ويستخف من هذا النبي الكريم كعادة اليهود الذين يستخفون ويسخرون من الأنبياء.
وفي مقطع آخر بعنوان “طفل يعقوب” يورد نصا من التوراة في مقدمة هذا المقطع مخاطبا اليهود بشيء من الاستخفاف بسيدنا يوسف وأبوه.
وبلغ به الانسحاق مداه وهو يستعير من اليهود مفرداتهم فيقول في هذا المقطع المسمى “شعر”
وإليكم نشرتنا الأولى:
صرح ليفي أشكول/برش تفتر حشتر لشند بثل/الملك يقول: شرع درك هرشتفلس كرشت/أمريكا فقدت إحدى قطع الأسطول/هدد مكنا مارا/ابن المسطول/اليوم أحرر هذا الخبر/أرنستوتشي جيفارا/ببني قمرا/في أفق ما!!
الفلسطيني سميح القاسم يكتب بلغة المحتل الذي ينكل بأهل بلده الفلسطينين!!
أما في مقطوعة “مزامير” ملأها بالصور والرموز التوراتية من سفر أشعياء لدرجة أنه اضطر ليكتب مقدمة يعتذر فيها عن ذلك.
في “قضايا وشهادات” شهد أحد النقاد الغربيين في دراسة للحداثة العربية وما بعدها فقال عنهم “أنهم مصابون بانفصام الشخصية، عدميون صنميون”
في “قضايا الشعر المعاصر” لجهاد فاضل اعترف الناقد عبد الرزق عبد الواحد أنه لم يقرأ القرآن أساسا ولم يقرأ أي شيء من أصول النقد العربي أو الشعر العربي القديم ثم بعد ذلك هو ناقد وشاعر حداثي!!
أما التفاخر بالكيان المحتل لفلسطين والعمل تحت مظلته لهو من أعاجيب الأعاجيب.
محمود درويش قطب حداثي كبير، عضو في الحزب الشيوعي الإسرائيلي “راكاح” وشارك في تحرير مجلة الجديد وجريدة الاتحاد وهما من صحف الحزب الشيوعي الإسرائيلي.
ومثله سميح القاسم وتوفيق زياد وإميل حبيبي عضو الكنيست المفتخر ببقائه في فلسطين كمواطن يحمل الجنسية الإسرائيلية، هذه الكيانات المهزومة المحتفى بها دائما في حضورها وغيابها، شعراء حداثيون لا تذكر أسمائهم إلا بشيء من الخشوع والابتهال كأنهم أنبياء الله.
وللحديث بقية. 

الأحد، 21 أبريل 2019

من عتم الذاكرة: محمد الحوراني




الأردن - محمد الحوراني 

‏لا أتذكر من طفولتي شيء ..
لا أتذكر أنّني كنتُ يوماً "ولد" ..

لا أتذكر شيءً من بساطتي ولا لمحةً من سذاجتي ولا نبذةً من براءتي، لا يوجد بين صفحات الماضي أيُّ خربشاتٍ عابثةٍ أوكلماتٍ مكتوبةٍ بخطٍّ ركيك فوق السطرِ أو تحتهُ ..

لا أذكر وجهَ معلِّمي ولا تهاليل جارِنا وقت الفجر ولا صوت بائع الذرة، حتى حين أغمضُ عيْنيَّ في محاولةٍ يائسةٍ لاسترجاعِ أيّ ذكرى .. لا أرى شيء .. لا أسمع شيء ..
لا يضيءُ في ظلام ذاكرتي إلا وجه أبي وملامحه الرجوليّة القويّة المُتعَبة، وفي صدى الفراغ أسمع صوته الرّخيم يقول "يا محمد، يلّا روح معي" ..
لا تحضُرُ في مُخيّلتي الأماكن التي كُنا نقصدها أو الطُّرق التي كُنا نسلكها .. لكنّني أتذكر الكثير من وصاياه وحديثه لي عن الدراسة وأنّه كان يُريدني دائماً "شاطر" ..
أتذكّرُ جيّداً صبرَهُ عندما يُعلمني وشدّتَهُ عندما يُصَوِّبني وقسوَتَهُ في العقاب إذا أخطأْت، لم أنسى يوماً الإنفعالات والكلمات الصامتة التي كانت تجهرُ بها عيْناه العميقتان وتعابير وجهِهِ الحادّة؛ أتحدث عن ابتسامةِ الفخرِ التي كانت تتصدّرُ تفاصيلَهُ عُنوةً عندما أكون ذلك الطّفل المميّز حتى لو لم يلاحظ هذا التميّزَ أحدٌ غيرهُ، وعن الأمنياتِ المرسومةِ بخطوطٍ من الحسرة والغضب على جدران قلبِهِ عندما كنتُ أطلب ولا يستطيع أن يُلبّي ..
لا زالتْ أُمي تُحدثُني عن نظراتِ أبي نحوي عندما أكون غارقاً في نومي أو لاهِياً بأحلامي الطفولية، كانت نظراته تقول لي "اكْبَر يا بُنيّ .. مزِّق حدودَ الزّمن وحطِّم جدران العُمر .. انهضْ من طفولتِكَ ودعني أراكَ رَجُلاً عظيم البأس .. ساندني يا صبيّ فقدْ تعبتُ من القتال وحيداً" .. ورغم ذلك لم أشعر في أيّ لحظة بأن هذا الفارس المِغوار يعرف معنى التّعب أو شكل الضّعف .. كنتُ أراهُ بطلاً لا مثيل لهُ حتى في القصص الخياليّة فقد كانتْ هيْبتهُ تحجبُ حرَّ الشّمس وتكتِمُ صرخات البرد؛ كان صدرهُ باتّساع السّماء وقلبه مكتملاً كالبدر وكانت النّجومُ تتناثرُ حولَ كَتِفيْه ..
لا يُمكن لي أن أنسى أبداً شعور الدّفء الذي كان يسري في جسدي الصغير عندما يُمسكُ يدي ولا نشوة الانتصار التي كانت تعتريني إذا قال لي "أبشر" ..
كنتُ أُحِسُّ بالأمان والطّمأنينة عندما أُناديه ويرد "نعم يابا" ...... الآن أنا أُناديه ولا يرد .

فلسطينية تنسخ المصحف الشريف وألفية ابن مالك.






فلسطين - بوابة اليمامة الثقافية. 

استثمرتْ الشابةُ الفلسطينية سعدية العقاد ،من مدينة خان يونس، موهبتها في الخط العربي في نسخ المصحف الشريف بالرسم العثماني كاملًا بخط يدها، حيثُ استخدمتْ أقلام خط عربي عادية، أما الأوراق فهي " A4 " المُستخدمة في عمليات الطباعة المتداولة.
وأنجرتْ العقاد مؤخرًا نسخ منظومة ابن مالك في النحو العربي، خلال شهرين متواصلين، مستخدمة أقلام بوية وورق أسود.

وقالت العقاد ل "بوابة اليمامة الثقافية":
"بعد تخرجي من الجامعة لم أجد فرصة عمل فإذا بي صدفة قمت بكتابة القرآن كاملًا دون تخطيط مسبق لذلك، استغرقت كتابته ثلاثة أعوام حيث لاقي اعجابًا لا مثيلَ له وأثنت على هذا الجهد المُبارك وسائل الصحافة والإعلام ووزارة الثقافة الفلسطينية، وتم تكريمي كطالبة موهوبة في المؤتمر الطلابي الأول نحو رؤية علمية لتنمية الإبداع الذي عقد يوم الأربعاء بتاريخ (9/5/2018)  الذي عقدته كلية الإدارة والتمويل بجامعة الاقصى حيث أن كتابة المصحف لم تلق أي اهتمام من الجهات المختصة بالمصاحف كالأوقاف على سبيل المثال ولم تكن لدي اي نية للحصول على عائد من كتابتي سوى طاعة وتقرب لله سبحانه وتعالى، وكل ما طمحت له آنذاك هو أداء عمرة فقط هذه أمنيتي  وبعد ذلك فكرت في كتابة عمل جديد ومخطط له يشابه المصحف في الأهمية ويوازيه في الإتقان والجمال والرقي فاخترت ألفية ابن مالك كمخطوطة بارزة تشهد على جمال خط الرقعة في مدة شهرين متتاليين بدأت من شهر (19/12/2018) وحتى (19/2/2019) وها هي الآن أشبه بطراز عريق وتحفة فنية تلفت الأنظار أيضًا. لدى موهبة في كتابة الخواطر الشعرية التى أقوم بتخطيطها يوميًا وأيضًا مبدعة في الكتابة على الخشب بطريقة جميلة وخبرة في الأعمال اليدوية البسيطة كل ما ذكرته سابقًا لم يلاقي الاهتمام من اي جهة رغم انه عمل تنحني له الهامات فكل الشكر لأصحاب الشكر ومن دعمني للوصول لهذه المكانة متمنية من الله ان يحقق مطلبي والوصول لهدفي ". 








نبذة حول الحداثة بقلم: فاتن فاروق عبد المنعم




فاتن فاروق عبد المنعم - مصر. 

ومن الملاحظ أن أسماء مثل يوسف الخال وجبرا إبراهيم جبرا وأنسي الحاج وغالي شكري ولويس عوض وخليل حاوي وتوفيق صائغ وأنطون سعادة فضلا عن أدباء المهجر شكلوا وأرسوا قواعد الحداثة
***
بدأت على يد جملة متعاقبة من المفكرين الغربيين متأثرين بعقائدهم المحرّفة وأصولهم وميراثهم القديم من الآلهة اليونانية والإغريقية، فبات منتجهم على تنوعه يعج بفلسفات استقت جوهرها من الأساطير القديمة وتعاليم التلمود الدموية والمادية، فكان لتعدد الآلهة ونفي المقدس نصيبا معلوما من هذا المنتج الذي تفشى وانتشر، فلا مقدس لديهم، ليغرقوا في الإلحاد والضلال نتيجة للفكر الوجودي الذي تفشى بينهم وأغرقوا أنفسهم وروادهم فيه، وينطلق من لدنهم الشيوعية والرأسمالية والوجودية والقوميات على تنوعها ثم تنحدر على مختلف أنواع الفنون والثقافة، التي أضحت معرضا لبضاعتهم المزجاة ومنتجهم، فيصبح كل دائر في هذا الفلك عليه أن ينتهج فكر الحداثة وإلا فلا، والمسمى وإن كان ساميا يتوق إليه كل من يولج هذه الميادين بيد أنها دعوة حق يراد بها باطل، فنفي المقدس وقتل هيبته في النفوس لهو الباب الأوسع لسحق العقيدة خاصة الإسلام، وهو إن تصدر المشهد اتحدت كل الملل الأخرى على هوة الاختلافات بينهم، فيصبح مرحب بتناول مفرداتهم من “تعدد الآلهة، والإله، والصلب……….إلخ
وكان ولا بُد من نشر هذا الفكر على نطاق أوسع، وبالأحرى هو نوع آخر من التطويق الناعم حتى لا نخرج من قبضتهم فمن لم يأتي بالتنصير المباشر فليأتي بالشيوعية والرأسمالية ومن يلفظ الشيوعية والرأسمالية فليأتي بالحداثة، فلن يعترف بالمبدع إلا إن كان حداثيا، وهو ما يعني أنها باب خلفي للفكر المنحرف أيا كان نوعه.
ومما لاشك فيه أن أي كاتب أو فنان يسعى للتفرد ولا يتوقف عن التجريب فإن سلمنا بالتجديد في شكل القصيدة العربية وجوهرها (وإن كان هذا حديث ذو شجون) فهو ولا شك مندوب ومستحب حتى ولو كان تأثرا بالترجمة، فالثقافات تتلاقح ولكن لماذا ينتهج الحداثيون العرب نفس منهج الحداثيين الغربيين كما هو؟!! بما يشي بإبراز عما يعتمل داخلهم تجاه الإسلام وهذا باعترافهم كما سنرى في السطور القادمة فإذا اعترض عليهم أحد تمثلوا دور الشهيد وأنهم ضحايا المتطرفين والإرهابيين فضلا عن نفي صفة فهم الفن والأدب عن من يخالفهم، بينما الحق والحقيقة هو أنهم يريدون أن يعيثوا في الأرض الفساد ويدعون إليه ولا يعترض عليهم أحد.
وعود إلى أصل تبنّي الحداثة في الثقافة العربية، فإن الآخر طامح دوما في السيطرة علينا بكل وسيلة ممكنة حتى يتحقق لهم المأمول فكان ولابد من الإجهاز على الثقافة والتي بها يغزوا العقول، فجعلوا من مسيحي الشام ومصر طلائعهم في معركتهم الجديدة، معركة العقيدة والثقافة (الغزو الفكري) فتسلل من خلالهم مفاهيم جديدة مناقضة للإسلام (القومية والعلمانية والحداثة) فبسطوا نفوذهم على جرائد مثل الهلال والمقطم والأهرام والمقتطف والشرق، والجريدة المصرية كلها أسسها خريجو الكلية العلمانية في بيروت 1911 ثم ظهرت مجلة “شعر” ليوسف الخال و”حوار” لتوفيق صائغ، ثم قام هؤلاء مع جملة من أدباء المهجر بإنشاء “الرابطة القلمية” التي تبنت بقوة محاربة القديم والتي قال عنها أحد النقاد ما يلي:
إن الحملة على القديم وأتباعه لم تنتظم إلا مع ظهور الرابطة القلمية عام 1920 في أمريكا الشمالية والعصبة الأندلسية في أمريكا الجنوبية عام 1933 فكانت الحملة بشكل عام ثورية جارفة في الأولى راغبة في قطع كل علاقة بين الحاضر والماضي، وهادئة تدريجية في الثانية ولعل أبرز الثائرين على القديم جبران خليل جبران وخليل نعيمة وتستهدف ثورتهما مفهوم الشعر وعناصره الشكلية الموضوعية.
ومن الملاحظ أن أسماء مثل يوسف الخال وجبرا إبراهيم جبرا وأنسي الحاج وغالي شكري ولويس عوض وخليل حاوي وتوفيق صائغ وأنطون سعادة فضلا عن أدباء المهجر شكلوا وأرسوا قواعد الحداثة حتى قرر مجموعة من الباحثين في تاريخ الأدب أن:
“جبران وزملاؤه من كتاب الرابطة القلمية كانوا الرسل الأمناء الحقيقيون الذين راحوا يبشرون بالمبادئ المسيحية الحقة”
ومن خدمات أصحاب الرابطة القلمية أنهم أرسلوا لحضور مؤتمر الصلح الذي عقد بعد الحرب العالمية الأولى وفيه قدموا ورقة وقعوا عليها يقولون فيها:
“إن السوريين ليسوا بعرب، وأن اللغة العربية التي يتكلمون بها اضطرهم العرب الفاتحين إليها بدلا من اللغتين الآرمية الوطنية واليونانية اللتين كانتا اللسان الشائع في البلاد السورية”.
وكأن سوريا كانت جزءا من اليونان أو الرومان!! ، إنها نفوسهم تفيض بما يعتمل بها.
وعبد المسيح حداد هو أحد مؤسسي الرابطة القلمية فقد صرح بأن أعضاء الرابطة كانوا يرون أن الأدب العربي هو “الوجه الآخر للإسلام” ومن أجل ذلك وقفوا منه ومن اللغة العربية المواقف المعروفة.
أعضاء الرابطة القلمية كلهم من المسيحيين حتى وإن انضم إليهم مسلمين فيما بعد ولكنهم تبنوا ذات الفكر أكثر من المؤسسين فلننظر معا ماذا فعلوا بالأدب العربي “الوجه الآخر للإسلام”
يقول أنطوان أبو زيد في مقال بعنوان بين الحداثة والتحديث نشر في مجلة الناقد يونيو 1989 :
يؤثر كثيرون من الشعراء عدم الكتابة إلا انعكاسا كليا لمرآة الحداثة الغربية، إذ نعترف بأن الغرب يقدم اليوم لنا غالبية عناصر الحداثة الأدبية الشعرية فإن الانقياد والامحاء الكلي أمام نماذجه يحرماننا من تكوين لغتنا الشعرية الخاصة.
إنه الاعتراف الأسيف بالتبعية المهينة للغرب ذو الأهداف المعروفة في بلادنا والذي يوظف كل شيء لخدمة هذه الأهداف.
أما سعد الله ونوس في نفس المجلة وبنفس العنوان في العدد 1990 يقول:
“لقد كان التحديث ويا لسذاجتنا نحن التقدميين شعارا شافا، وأحيانا شفافا لإنجاز التبعية الكاملة للغرب”
وهكذا فإن أعضاء الرابطة القلمية والسائرون على دربهم يرون أنهم يتكلمون لغة لا قيمة لها عندهم ومستطونين أرضا لا منزلة لها إلا إذا كانت امتدادا للغرب فكرا وعقيدة وحضارة
لاحظ نغمة الانسلاخ من جذورنا كيف بدأت أو بالأحرى كيف تلقفتها هذه المسوخ من المستشرقين.
وفي مصر سلامة موسى يقول نفس الأقوال الذي تبناها أعضاء الرابطة القلمية:
“إطلاق اسم الشرق على مصر خطأ فاحش، فقد عشنا نحن نحو ألف سنة ونحن جزء من الدولة االرومانية، فلا نحن ولا العرب أمة شرقية، وإذا كنا نحب السير مع أوروبا فليس ذلك لأننا والأوروبيين من دم واحد وأصل واحد فقط، بل لأن ثقافتنا تتصل بثقافتهم من عهد مدرسة الإسكندرية ومجمع أثينا”
امتدت دعوة التغريب من مسيحي الشام ومصر إلى بعض المسلمين المهزومين نفسيا مسحوقي العقيدة والذات، فانطلقت ألسنتهم وأقلامهم بالدعوة إلى التغريب وقطع كل صلة لنا بالعربية وآدابها وإن كانت اللغة العربية هي اللبنة التي يبنون بها معمارهم التغريبي، وعلى ذات الدرب سار الكثير منهم القطب التغريبي الأكبر طه حسين الذي قال:
“إن العقل المصري منذ عصوره الأولى، عقل إن تأثر بشيء، فإنما يتأثر بالبحر الأبيض المتوسط”
وهو القائل أيضا “إن المصريين خضعوا لضروب من العدوان جاءتهم من الفرس واليونان ومن العرب والترك والفرنسيين على حد سواء”
أما المتوثن أدونيس (النصيري الشيعي) فلا يخفي كرهه للعرب والعربية فيقول:
“لا إبداع مع العروبة وتراث العرب لأن العرب شعب ليس حيا في الحاضر وليس له مكان في المستقبل، لأنه شعب محاصر بين فعلين يرث أو يقتبس”
في الوقت ذاته يمتدح الثورة الإيرانية ولا يخفي انتماءه لإيران فيقول:
أفق ثورة والطغاة شتات / كيف أروي لإيران حبي / والذي في زفيري / والذي في شهيقي تعجز عن قوله الكلمات / سأغني لكم لكي تتحول في صبواتي / نار عصف تطوف حول الخليج / وأقول المدى والنشيج / أرضي العربية، ها رعدها يتعالى / صاعدا خالقا وحريقا / يرسم المشرق الجديد ويستشرف / الطريقا / شعب إيران يكتب للشرق فاتحة / الممكنات / شعب إيران يكتب للغرب / وجهك يا غرب ينهار/ وجهك يا غرب مات / شعب إيران تأصل في أرضنا / ونبي / إنه رفضنا المؤسس ميثاقنا العربي.
والمتأمل في مجمل كتابات العلمانيين والمستغربين سيجد أنها بعيدة عن الإسلام والتربة التي نشأ بها واللغة التي أنزل بها وإن استخدموها في كتابتهم فمن خلالها عملوا على إحياء الوثنية السابقة على الإسلام من البابلية والفينيقية والفرعونية، والمسيحية واليهودية المحرفتين، فضلا عن أن لديهم “شركة متعددة الآلهة” فلديهم إله لكل شيء حتى الصمت له إله في الوقت نفسه فإن الله بين أيديهم ينام ويتزوج وينجب ويغفل ويقتلوه ويعبس وجهه لأن أحدهم كفر به، تقدس وتعالى وتنزه عما يقولون.
يقول محمد الماغوط:
ولكن يا أيها التعساء في كل مكان/ جل ما أخشاه/ أن يكون الله أميا
عبد العزيز المقالح:
يكاد النهار على أفقهم أن يموت/ ويحتضر الله والعقل خلف معابدهم/ في البيوت
محمد علي شمس الدين:
أخذت زينة نهديها/ وتعرت لتصير أشد نقاءا من قلب الله
سميح القاسم:
ومشيئة الرحمن والأقدار/ بعض من نفايات القرون
انقضى كل شيء/ كانت المئذنة/ شارب الله تحت النعال الغريبة
معين بسيسو:
أخفتني عاهرة/ ووشى بي قديس/ كان الله معي/ لكن الله هناك يدلي بشهادته/ في مركز بوليس/ فتح المحضر: ما اسمك؟، كم عمرك، ما عنوانك/ مهنتك……وكانت مهنته الله/ أخذوا بصمات الله/ والتقطوا صورته/ كان الله معي/ لكن الله ورائي كان هو المخبر/ آلة تسجيل قد غرست في قلبي/ آلة تسجيل قد غرست في قلب الله.
نزار قباني:
من بعد موت الله مشنوقا/ على باب المدينة/ لم تبق للصلوات قيمة/ لم يبق للإيمان أو الكفر قيمة.
لماذا نكتب الشعر وقد/ نسى الله الكلام العربي.
وعن كرهه للغة العربية والدين يقول:
اللفظة جسد مهترئ / ضاجعه الكاتب والصحفي / ضاجعه / شيخ الجامع / اللغة إبرة مورفين / يحقنها الحاكم للجمهور / من القرن السابع / اللفظة في بلدي امرأة / تحترف الفحش من القرن السابع.
لاحظ ما يقوله هذا المأفون أن المرأة احترفت الفحش من القرن السابع (وهو القرن الذي نزلت فيه رسالة الإسلام على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم) ولكنه لم يخبرنا ماذا فعلت المرأة بعد ظهوره هو وأضرابه؟!!!!!!
ويقول أيضا:
أرفضكم جميعا / وأختم الحوار / لم يبقى عندي لغة / أضرمت في معاجمي / وفي ثيابي النار.
وفي معرض استهزائه باللغة العربية واعتبارها بلا قيمة يقول:
وتمضغ مرة أخرى / حروف الجر والكسر التي كنا مضغناها.
ويقول: ومازلنا نجادل بعضنا بعضا / عن المصروف والممنوع من الصرف
ويقول: سقطت في الوحول كل الفصاحات / مات الخليل والفراء
أنسي الحاج:
تقتل الكلمة جسد الله بعد قتل الله روحا وجسدا/ الصلاة تسقي الله كما يسقي الحب المرأة
مظفر النواب
ركض البستان، وكان الرب على أصغر برعم ورد/ ناديت عليه ستقتل/ فاركض/ ركض الرب.
أما المتوثن أدونيس (سامري الحداثة) فيقول:
كاهنة الأجيال، قولي لنا/ شيئا عن الله الذي يولد/ قولي، أفي عينيه ما يعبد.
ويقول تهكما على الله وملائكته:
كثيرا حبس الخالق الشمس والقمرتأديبا/ كان حين يتوبان/ويستأذن بالشروق/يأتي إليهما ملاك يأخذ بآذنهما ويطلعهما/ من باب التوبة/ كان الخالق حين يخرج أنثى إلى الأرض/ يبعث إليها ملكين/ يضع الأول يده بين ثدييها/ ويضع الثاني يده في مكان آخر(فرجها)/ حين يتعب المكان/ يحملانها إلى ظل تحت شجرة المحنة/ أمر الخالق ما يسمونه الوطن أن يجلس على/كرسي من الزجاج بهيئة السرطان وحوله تماثيل
صلاح عبد الصبور:
ياصاحبي/ ما نحن إلا نفضة رعناء من ريح سموم/ أو منية حمقاء/ والشيطان خالقنا ليجرح قدرة الله العظيم.
في مسرحية ” مسافر ليل” لصلاح عبد الصبور وهي التي تمتلئ بأقوال كالآتي:
يا عبده/ قف واسمع وصف هذه التهمة/ أنت قتلت الله/ وسرقت بطاقته الشخصية.
أما محمود درويش العضو بالحزب الشيوعي بكنيست الكيان الغاصب لفلسطين ومع ذلك
“هو شاعر القضية “يقول مخاطبا حبيبته:
نامي فعين الله نائمة عنا وأسراب الشحارير
ومن ديوان أحد عشر كوكبا يقول:
أقل احتفالا على شاشة السينما، فخذوا وقتكم كي تقتلوا الله/ ونعرف ما هيأ المعدن – السيد اليوم من أجلنا/ ومن أجل آلهة لم تدافع عن الملح في خبزنا/ وتعرف أن الحقيقة أقوى من الحق، نعرف أن الزمان/ تغير، منذ تغير نوع السلاح، فمن سوف يرفع أصواتنا/ إلى مطر يابس في الغيوم؟
أما تشكك بدر شاكر السياب في وجود إله في السماء مدبرا سميعا بصيرا فيقول:
نرى العراق يسأل الصغار في قراه/ ما القمح؟ ما التمر؟/ ما الماء؟ ما المهود؟ ما الإله؟ما البشر؟/فكل ما نراه/ دم ينز أو جبال، فيه، أو حفر/ أكانت النساء والرجال مؤمنين/ بأن في السماء قوة تدبر/ تحس تسمع الشكاة تبصر/ ترق ترحم الضعاف تغفر الذنوب؟
ثم في نفس القصيدة يؤله أوثان اليونان فيقول:
ليعوسر بروس في الدروب/وينبش التراب عن إلهنا الدفين/ تموزنا الطعين/ أواه لو يفيق/إلهنا الفتي لو يبرعم الحقول/ عشتار ربة الشمال والجنوب/ ليعوسر بروس في الدروب/ لينهش الآلهة الحزينة، الآلهة المروعة/ فإن من دمائها ستخصب الحبوب/ سينبت الإله/ فالشرائح الموزعة/ تجمعت تململت، سيولة الضياء/ من رحم ينز بالدماء.
أمل دنقل:
خصومة قلبي مع الله ليس سواه/ فهل نزل الله عن سهمه الذهبي لمن يستهين به/ هل تكون مكان أصابعه بصمات الخطاه/ خصومة قلبي مع الله….. ليس سواه.
وهذا ليس إلا معراج طفيف على منتج بعضهم.
أما هؤلاء رضي الله عنهم وأرضاهم إن أرادوا الحديث عن القرآن سموه “صوت الألوهية” أو “نتاج الغيبوبة” والحكم الإسلامي يرمزون له بالملح والرماد والجفاف، أما قرون الهجرة والفتح الإسلامي والخلافة يرمزون لها بالإبل والسفر والنخيل والبخور والتعاويذ والصحراء والهجير والرمال الضريرة والعمائم المتخمة والأعشاب الميتة.
ويوجز حنا عبود في مقال له نشر في مجلة الناقد فبراير 1989 أنهاه بقوله:
النواة الأساسية التي أبقت عليها الحداثة فهي إسقاط القداسة عن كل شيء، لم يعد هناك شيء مقدس أبدي لا في عالم الفكر ولا في عالم المادة وعلى هذا يمكن القول أن الحداثة الصناعية (التي أعقبت عصر النهضة الأوروبية) أو الحداثة المعاصرة هي محاولة استعادة الصيغة الوثنية للحداثة الزراعية(التي رافقت العصر الأغريقي واليوناني بآلهتهم المختلفة)
أما القاسم المشترك فهو إسقاط القداسة عن كل شيء فلا العروض ولا القوافي والأوزان والإيقاعات والكلمات والتصريحات ولا العقائد والأفكار والمذاهب والآراء والعادات والتقاليد والطقوس والممارسات ولا الأحزاب والكتل والفئات والمجموعات والأفراد ولا الأنظمة والقوانين والدساتير ولا المكان والزمان والشهور تحظى بأي قدسية، ومن هنا كان تشديدنا وتأكيدنا أن الحداثة ليست مذهبا أو عقيدة أو مدرسة واحدة ولا يمكن أن تنحصر في مذهب أو عقيدة أو مدرسة، الحداثة هي الوضع المناقض تماما للوحدانية، أي وحدانية أدبية كانت أو غير أدبية، عقائدية أو غير عقائدية.
إنه الاعتراف الصريح بكون الحداثة هي عقيدة الهدم والتفتيت لكل الثوابت ودون ذلك فلا إبداع يذكر ولا مبدعون حقيقيون، إنهم ليسوا إلا امتداد للشعوبيين الذين ظهروا في الدولة الأموية واشتد عودها في الدولة العباسية ثم خفت صوتها لتعود من جديد مع “المبشرين بالحداثة” ولا غرو فإن كهان الحداثة الأول كلهم كانوا من المسيحيين والشيعة والنصيريين والباطنيين، وكما عرضنا آنفا من قول أحد مؤسسي الرابطة القلمية من كون الأدب العربي هو الوجه الآخر للإسلام فاتخذوا منه ومن اللغة العربية موقفهم المعروف، والبداية كانت بديوان العرب “الشعر” فإن أستاذا انجليزيا واحدا كان كافيا لغرس هذا النبت الشيطاني فيجهز على العقيدة من خلاله.
في العراق تتلمذ عبد الوهاب البياتي ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب على يد أستاذ إنجليزي عبث في عقولهم لينطلق على أيديهم قطار الحداثة الثاني بعد جيل رابطة القلم وتلك انطلاقة أخرى لا تقل ضراوة عن الأولى فالآلهة حاضرة بقوة بين أيديهم.
كتبت نازك الملائكة عن الحداثة بعد أن استشعرت فداحة هذا الاتجاه وخطورته في مقدمة مجموعة قصائد بعنوان “شجرة القمر” 28/3/1967 فقالت:
لم يكن يدور في خلدي أن أناسا من الشعراء سيتخذون عملي الاضطراري (شعر التفعيلة) سنة يحتذونها في منشوراتهم الشعرية ودواوينهم، أرفع صوت احتجاج على زملائي الشعراء الذين أصبحوا يكتبون شعرا موزونا على الأسلوب العربي ثم يدرجونه وكأنه شعر حر فإن هذا العمل لا يزيد القاريء العربي إلا بلبلة وجهلا.
وفي موضع آخر تقول:
وقد يعجب بعض الشعراء من قلة هذا العدد بالنسبة لقصائد الديوان لأنهم ألفوا أن يروا طائفة من الشعراء وقد تركوا الأوزان الشطرية العربية تركا قاطعا وكأنهم أعداء لها وراحوا يقتصرون على نظم الشعر الحر وحده في تعصب وعناد……أحب الشعر العربي ولا أطيق أن يبتعد عصرنا عن أوزانه العذبة الجميلة، ثم إن الشعر الحر كما بينت في كتابي ” قضايا الشعر المعاصر ” يملك عيوبا واضحة أبرزها الرتابة والتدفق والمدى المحدود وقد ظهرت هذه العيوب في أغلب شعر شعراء هذا اللون ….، وإني على يقين من أن تيار الشعر الحر سيتوقف في يوم غير بعيد وسيرجع الشعراء إلى الأوزان الشطرية بعد أن خاضوا في الخروج عليها والاستهانة بها.
ومؤخرا سمعت أكثر من ناقد أدبي يقول إن الشباب اليوم يطوي صفحة الشعر الحر ويعود إلى القصيدة الخليلية، فهل تحققت نبوءة نازك الملائكة؟
وللحديث بقية .

اجتماع تعاون وشراكة بين وزارة الثقافة واتحاد الكُتّاب الفلسطينين.


رام الله - بوابة اليمامة الثقافية.

زار اليوم الأحد وفدٌ من الأمانة العامة للاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، برئاسة الأمين العام الروائي نافذ الرفاعي، مقر وزارة الثقافة برام الله، حيثُ استقبلهم الوزير د. عاطف أبو سيف متقبلاً  التهاني بمناسبة استلامه حقيبة وزارة الثقافة بعد تشكيل الحكومة الجديدة .
وأكد الوزير أبو سيف على ضرورة إبقاء العلاقة مع الاتحاد العام للكتّاب والأدباء في أفضل حالاتها، لخدمة الثقافة الوطنية، وللتأكيد على أهمية المثقف الفلسطيني والكاتب المبدع في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية، مؤكداً على توقيع اتفاقية التعاون المشترك مع الأمانة العامة لاتحاد الكتّاب والأدباء الفلسطينيين، وتشكيل لجنة مشتركة لتعزيز العلاقة والتعاون ومتابعة القضايا المشتركة، ووضع خطة واضحة لتنشيط الواقع الثقافي الفلسطيني.
من جهته أكد الرفاعي على تمسك الاتحاد العام للكتّاب والأدباء بمبادئ المؤسسين الأوائل للاتحاد، وخدمة الأعضاء بالشكل الذي يليق بهم كأدباء وكتّاب، وأن التعاون مع وزارة الثقافة من شأنه تقصير المسافات الطويلة للوصول إلى الأهداف والغايات المرجوة، وإبقاء الثقافة الوطنية في طليعة الجبهات الأمامية التي تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتبصير العالم بمدى الاعتداءات الإسرائيلية الممارسة ضد الفلسطينيين وتراثهم وثقافتهم ومقدساتهم.

السبت، 20 أبريل 2019

حارسُ الانتظار: الشاعر سليم النفار


                     
           
                         
سليم النفار - فلسطين. 

لم أكنْ ذاتَ يوم ٍ
نَسْلَ أرضٍ ؛ أرى حَمْلها
في عَرَاءِ الزمانْ
حيثُ لا سِرَّ في جوفها
غيرَ ذاكَ الفتى
حاملا ً لونها في ارتعاشِ الصَّباحْ
وقتما شاءَ جُزءٌ بها
أو تداعى لها
غائصاً
في اشتهاءِ المواسمْ ،
بُعَيْدَ ولادات ٍ ؛ ربَّما
لا تجيء ُ على وقتِها
في سُهاد الفتى
حينما قدْ نوى رغبة ً
في احتدام الفَلاحْ
كانَ يصبو :
إلى ثغرةٍ في فراغِ الحقولْ
كيْ يرى شالَها
يغمزُ الفجرَ في حبوهِ ؛
لو دنى خطوها من فضاءٍ خجولْ
لم أكنْ ذات َ يوم ٍ
أعتنيْ باتجاهِ الريحْ
بانحناءِ الغمام ِ لعصفورة ٍ
تشتهيْ عسلاً
     من رضابِ السّماءْ
لم أكنْ ذاتَ يومٍ
أحْلِبُ النّوق َ أو
أرعى في مضاربها ماعز الحُرَّاسْ
غيرَ أنيْ خَبِرْتُ المُناخَ الصحيحْ
من تعاليمِ جَدَّاتنا
من دروسِ الحكايا هناكْ
                  في كلامٍ فصيحْ
من بعيدٍ رأيتُ الفتى
ساهماً في المدى
يشتهيْ غيماً أو ندىً للسّهولْ
غيرَ أنَّ الأراضيْ ؛
             تضيعْ
وأنا قدْ رأيتُ السُّدى
لاهثاً في خُطاهم ْ ؛
هنا أو هناكْ .
ليسَ مرأى اليقينْ
غيرَ أنيْ وثِقْتُ الرّواية ْ ،
على وجهها شاهدٌ
صِدْقَ ما باحت ْ من رؤىً
في نسيجِ الحكاية ْ .
حُزْنُها
شكلُ ثكلى ، بوجدٍ تَصيْحْ
عينُها أخبرتنيْ ؛
      تفاصيلَها
رحلة ً ملؤها من أنينْ
جدَّتيْ
لم تَقُلْ غيرَها
غيرُها
 كلُّ أشتاتنا في فضاءِ الحنينْ
جدَّتيْ
لم تُساومْ ، ولكنَّ حارسَهم ْ
قالَ نأتيْ بُعيدَ الظّلام ْ
لو أطالَ الليلْ .
أيُّ ليلٍ تُرانا نَعُدُّ
في تداعي الفصولْ ؟
قُلْ لهمْ يا فتى :
كيفَ تأتيْ بموجٍ بحارْ
كيفَ تسعى لشالٍ ،
     بهِ عطْرُ ذاكَ النّهارْ ؟

قُلْ لهمْ :
أيَّ حزبٍ هنا ننتميْ
حينما
يَهربُ الطينُ من ساقِ أحلامنا
والأساطيرُ تهويْ بنا
             في فراغِ النُّحاسْ ؟
بُرهة ٌ واحدة ْ
تختفيْ راية ُ السّلطان ْ .
لو تتداعى الموات ْ
من جِرابِ المكانْ
ينحني قوسُهمْ في رحابِ التمنيْ للإلهْ :
أنْ يُديمَ الحياةْ
ليسَ ليْ أو لكمْ
بلْ لأفلاذهمْ 
كي بنا لا تضيعُ الوراثةْ ؛
فهذي صناديقُ أحلامهمْ
كدُّ جهدٍ لهمْ بالحراثةْ ،
بنا كانتْ
بنا صارتْ
هكذا يعلو شكلّهمْ بالخُرَافةْ
أعطني يا قصيدةْ ،
فضاءاتِ حُبٍّ سعى
أنْ يكونّ الولادةْ
ليسَ لي ْ
في فضاءِ الهزيمةْ
غيرَ ما شاءتْ جدَّتيْ
                حُلُماً
لا يُجافيْ الارادةْ
كلَّما ضاقَ صدريْ
      على موجهِ
أفتقُ الريحَ ضوءً
       لا يؤاخي الرّحيلْ .

أما بعد: أحمد زكارنة




أحمد زكارنة - فلسطين.

أما بعد، أتعلمينَ سيدتي أني محتلٌ سعيدٌ باحتلاله؟! وأن قلبي له سليبٌ، كالأرض في عُمقِها الأعلى؟!
أتدرين لِمَ؟! وكيف باتَ الطائفُ في المدينةِ، كالمقيمِ الذي خلع ثوبَهُ وسأل كيف ألبَسه؟
الأمرُ بسيطٌ ومعقد، حيثُ عيني التي كلما رأتْ عينيكِ بدت الشمسُ كتاباً من كُتبِ الله، والعُشبُ قرآناً كلما قرأنَاهُ تعلمنا ما لم نكن نعلمُ، أن القولَ فيهما يُشبهُ الحياةْ، كلُ حاضرٍ للماضي مرآة، وكلُ فاعلٍ مميزٌ وغنيٌ عن كلِ منصوبٍ ومجرورٍ جربَ الحياةَ بطعمِ الممات. وأنكِ في المسافةِ الفاصلةِ ما بيني وبيني، أرضٌ أخرى كلما صفعها المطرُ أحبت الغموضَ وهي الواضحة.
الآن اعترفُ، الآن أعترف دونما استزادة، أولا تأخرَّ حبي لكِ قليلاً، ولكنهُ فاجأَني بأنهُ لم يُفاجئَني، حينما اكتشفتُ أنه الغائبُ المقيم.
وثانيا: كذبتُ إن لم أقل: إن الحبَ معكِ مغامرةٌ، والمغامرةُ بالقلوبِ فعلٌ مكروهٌ وحرام، ولكنَّ روحي المعلقةُ فيكِ، باتت كلاعبِ النردِ محترفاً يهوى المقامرة.
أما عاشراً: فيقولون إن السببَ الرئيسي في الموت، هو الخوفُ من أمرٍ قد يلي الموت، وأنا في حضرةِ روحكِ سأركبُ الريحَ والتحفُ الخوف.
سأفترشُ عينيكِ سجادةَ صلاةٍ لأبدِ الأبدين، وأُعلنُ أنكِ وأني، ظلانِ يُشبهانِ وجهَ اللهِ في قلبي لو يعلمونَ وتعلمين.

الجمعة، 19 أبريل 2019

لست وحدك: الشاعر ياسر حرب



ياسر حرب - فلسطين. 

لست وحدك
 يسيل الماء من تحت قدميه
وأنت تتأمل معراج الشهداء فوق غيمتين
يسيرون كقافلة من إبل
تحمل البخور للمتصوفين
وتحمل الخمر الأندلسي للعاصين
في حانتين
لست وحدك
من يخبئ أسرار قميصه في وسادة
ثم ينام عليها كعازب شطر نفسه لنصفين
واحد لدمع أمه والآخر لرصاصتين
لست وحدك
من يحمل الحنطة على ظهره
والطير الغريب ينقر رأسك
بينما سوط الأكرمين يأكل من بدنك وجبتين
لست وحدك
من يموت غريبا
في وطن أشد غرابة كتبه العشاق في قصتين. 

لهوًا: الشاعر زين العابدين المرشدي.




زين العابدين المرشدي - العراق. 

لهوًا
أمدُّ يدي
في حوضِ أغنيةٍ ؛
إذْ فيهِ تهربُ
أيّامي كأسماكِ
وحينما
منْ حروبٍ مسّني
 تعَبٌ ولا مكانَ تبقى .
كلُّ أملاكي :
بيتٌ من الشعِرِ ،
مأوىً كنتُ أكتبُهُ
فيهِ أعيشُ ،
و فيهِ كنتُ ألقاكِ 
طاردتُ
سربَ ظباءٍ
خلفَ قافيةٍ كانتْ تمرُّ
ولمْ تأبهْ بأشراكي 
الآنَ
تمرحُ قربَ النبعِ في لغتي  ،
لكنْ
تعبتُ ،
فظلّتْ
دونَ إمساكِ .

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب: قراءة تحليلية

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب قراءة تحليلية بقلم/ جواد العقاد – فلسطين المحتلة أولًا- النص:   مل...