السبت، 24 نوفمبر 2018

التعامل مع الطفل المزعج: لطفية القاضي




التعامل مع الطفل المزعج
كتبت :لطيفة  محمد حسيب القاضي

 الطفل المثير للإزعاج هو الطفل الذي يجد ممن حوله صعوبة في التعامل معه. دائماً فيشكو منه معلموه وزملاؤه في المدرسة وجيرانه وأقاربه بل ربما والداه·
فهو مثير لأعصاب من حوله وبخاصة معلميه في المدرسة ووالداه في البيت، حيث قد يضطر معلموه لاستخدام الشدة معه لكي يهدأ فلا يزعج زملاءه في الفصل أو جيرانه في الشارع،وقد يجدون أن الشدة معه لا تجدي للتخلص من إزعاجه·

الطفل المزعج يكون قليل التركيز ، يتحرك كثيراً في المكان الذي يوجد فيه ويجعله مبعثراً وغير منظَّم، مثيراً للضوضاء والصخب والشغب والتشويش ، يتحدث بكثرة وبسرعة وبصوت عال ومرتفع، عجول يقوم بالإجابة عن الأسئلة قبل استكمالها يقاطع حديث الآخرين ويتدخل في أنشطتهم وأعمالهم·· ، يتصف بعدم الاستقرار العاطفي وسرعة تغير مزاجه من السعادة إلى الحزن والغضب.

يعاني من اضطراب في عواطفه فأحياناً تراه ضاحكاً مسروراً ، وأحياناً أُخرى تراه غاضباً ثائراً ، ويكون ذلك تبعاً لشعور يعتريه ، ويسبب له القلق أو الخوف .

و إن الطاقة الزائدة التي تتولد لديه تبعاً لمراحل النمو ، ولا توجد بيئة ملائمة لتصريفها بصورة إيجابية.
حيث كراهيته للمدرسة بسبب فشله في دروسه أو وجود عامل يهدد أمنه فيها .

ما الاسباب التي جعلت الطفل مزعج؟
 الصراخ هو سبب من أسباب الخوف عند الطفل عدم ثقته بنفسه،  وبالتالي تجعل الطفل غير مستقر فهذا يجعله مزعج غير راضي وغير مطئن ،وكذلك الرهبة والمشاكل العقلية احدى العوامل ااتي تجعل الطفل مشاغب ومزعج ، لذلك يحذر على الوالدين عدم الصراخ في وجوه أطفالهم، والتحدّث بصوت معتدل ومناسب للموضوع، هو أنجح في تعليم الطفل لاخطاءه. الطفل يستطيع فهم ما يقوله الكبار، إذا كان الكلام بلغة واضحة وبسيطة، لذلك على الوالدين النزول إلى مستوى عقول أطفالهم ومناقشتهم، بأسلوب واضح وسهل تتناسب مع قدراتهم العقلية ومستوى إدراكهم، ومحاولة تفسير لهم الأسباب التي تجعل من بعض الأمور خطأً. غالباً الأطفال يثقون بوالديهم، ويتعلمون منهم الكثيرمن الصفات، لذلك على الوالدين الحرص على القيام بالأفعال الصحيحة واللائقة أمام أطفالهم. يجب على الوالدين تعامل بمصداقية مع أطفالهم حتي لا تكون رد فعلهم لعدم الصدق هو المشاغبة والازعاج.


 كيف تتعامل الام مع الطفل المزعج؟

عليها قبل كل شيئ بأن توفر بيئة آمنة للطفل قائمة على الوفاق بين الوالدين وخالية من القلق والخوف والمشاحنات بين الزوجين .
و ايضا تعزيز ثقة الطفل بنفسه ، وعدم لومه أو السخرية منه أمام الآخرين.
عليها أن  تصرف الطاقة الزائدة المتولدة لدى الطفل بالقراءة ، أو من خلال ممارسة الأنشطة النافعة ، وتدريبه على استغلال الوقت بأعمال مفيدة وعلى احترام آراء الآخرين والمحافظة على ممتلكاتهم .
 بالاعتدال في معاملة الطفل ؛ فلا قسوة ولا تدليل ، وإنما الإقناع بالحسنى .
عليها ايضا اجتناب العنف أثناء العمل لتعديل سلوك الطفل.
والتواصل مع المدرسة لمتابعة أحوال الطفل من حيث السلوك والتحصيل .
و اللجوء إلى الاختصاصي النفسي إذا دعت الضرورة لذلك .

فإذا استطاعت الام أن تتفهم الدوافع الكامنة وراء سلوك الطفل المزعج فإنها تكون بذلك قد خطت الخطوة الأولى .
المتابعة المستمرة من قبل البيت والوالدين للطفل مع المدرسة لمعرفة أحواله وسلوكاته مع زملائه ومدرسيه والتدخل في حال وجود مشكلة لطفلهم في المدرسة بكياسة وعقل وحكمة ومرونة في التعامل مع ابنيهما·

عدم الحرج في اللجوء لاختصاصي نفسي أو طبيب نفسي لمساعدتهما في اختيار أنسب الطرق لعلاج السلوك المزعج من قبل الطفل.



  •  علي الوالدين الاعتماد الكبير في تربية الابناء ومساعدتهم لكي يكونوا اطفال اسوياء متزنين في كل شيئ ،فلابد من تشحيع الطفل و مدح الطفل كلما تصرف التصرف الصحيح ، لابد من ان اعطاء الطفل الحرية في التعبير عن رئية والتحدث اليه ،اعطاءه الحب والحنان والحماية والامان.

اتيكيت الحياة الزوجية :لطفية القاضي


اتيكيت الحياة الزوجية
كتبت /لطيفة محمد حسيب القاضي
إن  الحياة الزوجية هي علاقة راقية بين اثنين، وهذه العلاقة تحتاج إلي سلوكيات وخطوات عالية من الذوق والمحبة بين الزوجين تكون قائمة على الإعجاب المتبادل، لكي تزداد العلاقة قوة ،وترفع من شأنها.

الكل يتمنى أن تكون علاقته الزوجية راقيه تحتوي على الكثير من الذوق والإتيكيت، فهذا من شأنه يقوي العلاقة ويزيد من التماسك بينهما ،ويصل بهما إلى بر الأمان.

لتحقيق هذه الاحلام ما عليك إلا أن تتبع تلك الخطوات:
بعد الزواج عندما تشعر الزوجة بحب زوجها الكبير والاحتواء ،فتذهب لزوجها لتشتكي من أهلها لكي تجعل زوجها يتعاطف معها ويزيد من حبه لها ،ولكن هذا أكبر خطأ ترتكبه الزوجه في حق نفسها ،فلابد من أنه مهما بلغت مشاكلها مع أهلها أن لا تشكو منهم أمام زوجها،ذلك لأن زوجها لم ينظر لها باحترام بعد ذلك.


لا تتحدثي عن زوجك بسوء أمام أهلك،  احتفظي بأسرارك الزوجية .

ان  كنت تساعدي أهلك من مصروفك الخاص ،فلا تخبر زوجك بذلك ،حتى لا يستنقصهم أو يتعالى عليهم.

تخلصي من الأفكار السلبية تجاه أهل زوجك،حاولى أن تتعامل معهم بحب وبرقي.

الزوجة الذكية هي التي لا تطالب زوجها بالتعبير عن مشاعره نحوها ،إنما تترك الأمر للفرص الطبيعية.

الزوجة الواثقة من نفسها لا تسأل زوجها باستمرار أن كان يحبها أم لا،تثق بأنها محبوبة من زوجها ،كوني راقية.

المرأة  الراقية لا ترفع من صوتها ،ولا تجاه بالعصي والصراخ ،تحتفظ يهدؤئها حتي في أصعب الأوقات.

يجب أن لا تخلو العلاقة الزوجية من المزح والضحك.

الكل يسعي الي حياة زوجية هادئة وراقية وكلها اتيكيت،إذا اخذتم بالخطوات السابقة فإنني أضمن لكم حياة جميله وعاطفية ونجاح عالي في علاقتكم مع شريك الحياة.

الآثار النفسية للحرب على الأطفال: لطفية القاضي




الآثار النفسية للحروب على الأطفال، وكيفية علاجها

كتبت : لطيفة محمد حسيب القاضي

أن  الحروب شيء يحمل الآلام والمعاناة للأنفس البريئة،  وتعتبر الأطفال هم الضحية في هذه الحروب البشعة ،فإن لم يصابوا بمكروه جسدي فقد يصابوا بالأمراض النفسية .

قد تنتهي الحروب ولكن الأثر النفسي لا ينتهي لدي الأطفال، وهكذا هي الحروب يصنعها الكبار ويقع فيها الأطفال فهم الضحية،حيث أكثر المصابين هم من الأطفال، حتي هم في ظل الحروب لا يأخذوا حقهم من العلاج  اللازم نتيجة لنقص في الأدوية والمستلزمات الطبية .

ففي فلسطين واليمن وسوريا والعراق تكون المعاناة كبيرة ،حيث المستهدفين هناك هم الأطفال فهم الضحية وهم الأخسر، والذي لم يقتل يعيش معاناة الصدمة النفسية الناتجة عن الحرب ونقص في الماء والغذاء والعلاج.

الحروب تصيب الأطفال بتوتر  جراء الصدمة النفسية،فيصابون  بالارتباك  والقلق والاكتئاب وتزداد الحالة مع مرور الوقت ،على سبيل المثال أن معظم أطفال غزة مصابين بمرض السكر وهذا ناتج من توتر الحرب والخوف والرعب الذي كان بسبب الحرب .

وهنا يجب على الأهل أن يقوموا بتهدئة الطفل وأحاطته بالأمن والاطمئنان ولا يتركوه بمفرده عند حدوث القصف ،يجب على الآباء أن يقنعوا أطفالهم بأن القصف بعيد ولن يناله أي مكروه،أيضا على الآباء أن مراجعة حالة أطفالهم النفسية باستمرار.

اللجوء إلى الله هو الأهم ليزداد الأمن والطمأنينة لدي الاهل والأطفال  وقراءة القرآن والدعاء وزرع الاحساس بالأمان داخل الطفل والله خير حافظ وأمين.

نص أدبي - نصر أبو بيض

   

من السيء أن ينتابكَ الضعف في وصفِ شعورٍ يشِّكل غصة في حلقِك ، حيرة سوف تسكن كل كلمة ، سوف تسأل نفسكَ ألف مرةٍ هل أوجزتَ وأنصفتَ نفسكَ ؟ ، هل نِلتَ الرضا الذاتي؟  ، ذاك الذي يحقق لكَ التوازن بينَ نفسكَ والواقع !

سوف تكون رهنَ أسئلة لا طاقة لك بالإجابة عنها ، غيرَ أنك بالكاد تكتب هذه الحروف  .

مدينة الموتى ستحيا من جديد في ظلِّ كلماتٍ لا معنى لها سوى أنها فضفضة تسكن صفحات فارغة ، خيَّم المساء بخوفهِ وحنينهِ وقدرته الفائقة في التنقيبِ على ماضينا كي تَؤزّ نار أوجاعنا ، كي تنكمش قلوبنا من فرطِ الحنين والشّوق ، حتى قمر المساء لا ضوءَ له كأنه على خصام مع ملائكة الأرض. ! ، كم تملك من الحقد أيها الليل ،  رفقاً بقلوبٍ أتعبها اللاشيء واللافهم
_ ما بالكَ تهذي !
_ لا لا ، لا شيء ، أنا فقط أتراشق مع بعضاً من كلماتي شيئا من البؤسِ الذي يسكنني ، لا دخل لك .

 هكذا هو حال من يعيش مع ذاتهِ بعد خيبةٍ كُبرى ، يكتب ما لا يُفهم ، ويتكلم بما لا معنى له .

 وإنَّه لتناقضٌ غريب ، للأن لم تقرأ شيئاً في  هذا النص يسد رمق روحك ، لما أنت تصرّ على أن تكمل !! ، دع عنكَ الألم واذهب لنومك .
_ حسنًا أنا ذاهب .

نصر أبو بيض -فلسطين 

الجمعة، 23 نوفمبر 2018

في الحب -عامر الطيب



في الحُب ِّلمْ تكوني شاهقةً أو عابرةً إلى حبٍّ آخر، افترضتُ أنّكِ غيمة و حلبتُك حتّى سقط منك ريش أقدم العصافير..
و افترضتُ أنّك جسد فحصلتُ لك على لقمة العيش..

في الرَّسائل كنتِ الرَّسائل و الصَّمت الطَّارئ كثلجٍ على القبّعات..

 في جسدي كنتِ الدَّم و العرق إضافة إلى دخان قليل يحرس الليل..

في الإحتضار الأخير وددتُ لو أصير اسمكِ لأظلّ حيًّا لوقت ما
و في الموت وددتُ لو يطير نعاسكِ و يحرمني من النَّوم..

في الوَطن الصَّغير صار لحمك مالحًا و في الحَرب كلّما قتلت ُ أحدًا وجدتهُ يشبهكِ إلى أن نجوتُ بالطَّريقة الَّتي لمْ أقتلْ بها أحدًا..

في الليل طرتِ و في النَّهار أيضًا و في بقيّة الوقتِ ساعدتِ ملايين الكلمات الميّتة على الطَّيران..

في الكتابة يشتعلُ موقدٌ قديمٌ من قصصكِ على طرف لساني..

في الشَّـك صرتِ إلهًا طويلاً
في زحمته يمسح ُوَجهي العالم و في فراغه تسقطُ من أصابعه أقرب السَّماوات..

في القَصيدة أنت الدُّموع الخفيفة الَّتي تنزلُ أوّلاً و تكبر تلقائيًا مع التّكرار ..

في الأمل ذهبنا صغيرين إلى الله و كنّا جائعين أيضًا و لمْ يعطنا غير موعد قريب من السَّاعة و مسافات محصورة بين الأميال..

في الغابة قدتِ أسدًا مرّتين إلى البئر
مرَّة ليشرب و مرَّة ليرى وجهه الجَّامد بلا كلمات..

في الموسيقى رفعتِ صوت المسجّل و تسرَّب اللحن الحزين إلى الجّيران..

في البيت ِكنتِ زواية البيت و في المَدينة كنتِ زواياه الأخرى..

في الأبد شوّهتِ الأبد إلى الأبد..

في الحقيقة كان يمكنُ أن ْنكملَ الحكايةَ لكن َّاللحظة الأولى في الجَّـنّة كانتْ شكلاً صادمًا :-
عرّيت جسدكِ ففضحتِ آدم
ثم َّغطيت جسدكِ ففضحت الله !

عـامـر الطيب -العراق 

قراءة في قصيدة (ضياء تشرين)، للشاعر موسى الكسواني، بقلم :رائد محمد الحواري


 "ضياء تشرين"
 موسى الكسواني
استخدم الحروف بكثرة في النص الأدبي يعطي دلالة إلى أن الكاتب/الشاعر يردنا أن نتفهم الصورة/الحدث/الموضع الذي يطرحه، وكثرة استخدام الحروف يشير إلى الانحياز الشاعر وحبه لما يُراد طرحه، وهنا سيفقد الكاتب/الشاعر شيئا من سيطرته على النص، بحيث يأخذه الموضوع الأدبي بعيدا ويغرق في سرد التفاصيل، لكن الكاتب/الشاعر المتقن لصناعة الأدب بالتأكيد سيمتع القارئ من خلال قدرته على استخدام الصورة الشعرية/الأدبية، ومن خلال سلاسة واللغة، الشاعر "موسى الكسواني" يقدم لنا قصيدة طويلة، سنحاول أن نقف عندها ونرى كيف كان تقديمه لقصيدة "ضياء تشرين".
يفتتح الشاعر قصيدته قائلا:
"مِنْ دونما دِرايةٍ
تشرينُ جاءَ بَغتةً مَخاضُهُ"
فهذه الفاتحة التي بدأت بحرف "من" سنجدها تؤثر على كيانية القصيدة كاملة، بحيث نكاد لا نجد بيت في القصيدة دون وجود حرف يُفصل الحدث/الصورة التي يتناولها الشاعر.
"قُبيلَ أنْ يَطالَ شاربَ النُّعاسِ نومُهُ
وقدْ تلاشى في عِراكِهِ
مَعَ اعتلالِ سادِناتِ مَعبدِ النُّجومِ حُلمُهُ
حتى أتى اليقينُ في بِشارةٍ زهراءَ
هلَّلتْ بها مُغرداتُ الصُّبحِ في مَسرَّةٍ
على جَناحِ سابحٍ تلفَّعتْ بدفئهِ
مَولودةُ السَّماءِ في تشرينْ"
إذا ما توقفنا عند هذا المقطع سنجد فيه تفاصيل كثيرة وشروحات، لهذا نجد اسهاب في الشرح، من خلال حروف "أن، في، مع، بها، على" ونجد التواصل والتكامل في الحدث/الصورة التي يراد تقديمها، من هنا يتم تجاوز الصورة الطويلة التي يقدمها الشاعر، فالتواصل والترابط  يجعل الصورة قريبة من المتلقي، لكن الشاعر لا يكتفي بهذا التواصل والترابط، بل يضيف إليه صور شعرية قصيرة تأتي ضمن هذه الصورة الكبيرة، مما يجعل المتلقي يستمتع بها متجاوزا حالة الشرح، فيتوقف عند كل مقطع لما فيه من صور شعرية مثل "شارب النعاس، جَناحِ سابحٍ تلفَّعتْ بدفئه" وإذا ما اضفنا إليهما الأسطورة والتراث المتمثلان ب"سادنات، الزهراء" نكون أمام قصيدة تفتح شهية المتلقي لينهل منها بشغف وشهية.
 وإذا ما زدنا التوقف عند المقطع السابق سنجد فيه عناصر مخففة مهدئة، فهناك الطبيعة "الصبح والشمس"، وهناك حضور المرأة الذي جاء من خلال "السادنات والزهراء"، وكلنا يعلم  رمزية "الزهراء/عشتار" وما تحمله من معنى للحب والجمال، كل هذا يجعل القصيدة سلسة ويستمتع بتناولها.
  وهناك جانب يضاف إلى ما سبق، إلا وهو اللغة البيضاء التي جاءت في القصيدة، وبما أن الشاعر يحب وينحاز لموضوع قصيدته التي اسهب في تناولها، فلا بد أن ينعكس هذا الحب والانحياز على الألفاظ والمضمون الذي أرادنا معرفه، فالمقطع السابق يكاد يخلو من أي لفظ قاس أو مؤلم إذا ما استثنينا لفظ "تلاشى، عراكه، اعتلال" تكون بقية الألفاظ بيضاء بالمطلق، وهذا ما يجعل القصيدة منسجمة بين الألفاظ والمضمون/الفكرة التي أريد طرحها والطريقة التي قدمت بها القصيدة ـ الشرح والتفصيل ـ.
  الشاعر يحدثنا عن شهر تشرين هو  شهر من السنة، بمعنى أن له نقيض، فالفصول تتبدل وتناقض بعضها بعضا، من هنا جاءت فكرة الملحمة الكنعانية "البعل" التي تتحدث عن الصراع الأزلي بين "البعل" والموت، وقد سبق أن اشار الشاعر إلى الأسطورة من خلال "الزهراء" بمعنى أن هناك شيء في العقل الباطن عند الشاعر يشير إلى هذا التناقض/الصراع، فيكيف جاء في قصيدة؟:
"فزمَّلتها ناشِراتُ الوَمْضِ في فِراءٍ مِنْ حَنينْ
وَلاذَ في مِحرابِها
فَتيلُ مَنْ يُصافحُ الصباحَ في
لُهاثهِ الخفوتِ مثلَ رَجرجاتِ قنديلٍ
تدلَّى في ارتعاشةٍ
نادى بها نداءُ الفجرِ قبلَ أنْ
يَبيضَّ شَعرُ اللَّيلِ في سُدولهِ الأخيرْ"
 صراع الطبيعة ليس صراع دموي كما هو الحال بين البشر، بل صراع هادئ/ناعم/طبيعي، فرغم التناقض بين فصول السنة إلا أن حياة أو موت أي فصل يحمل بين ثناياه ولادة جديدة، فالتعاقب بين الربيع والخريف وبين الصيف والشتاء يخدم فكرة الحياة، من هنا سنجد انعكاس لهذا التكامل في (الصراعات)   على طريقة تقديم القصيدة، فتبدو لنا كحالة طبيعية، من هنا نجد الألفاظ القاسية محدودة، وتخدم فكرة البياض أكثر مما تخدم فكرة السواد، وهذا ما نجده في عبارات: "لهاثه الخفوت،  رجاجات قنديل، يبيض شعر الليل" ، والألفاظ القاسية "لاذ، لهاثه، رجاجات، ارتعاشه، الليل، الأخير" كلها جاءت بصورة مخففة وتخدم فكرة البياض التي أراد الشاعر تقديمها.
من هنا يمكنا أسقاط هذا الأمر على هذا المقطع من القصيدة:
"في كلِّ عامٍ مرةً
يجيءُ وجهُها الضحوكُ كلَّما
أتَى الفتى تشرينُ حاملًا بهِ
فانوسَ مُعجزاتِه على حَفاوةٍ
ليعلنَ الولادةَ الأولى لِشمْسِنا الحنونْ"
 يبدو المقطع متماثلا مع فكرة عودة "البعل" إلى الحياة، فمن خلال الألفاظ التالية: "يجيء، الضحوك، أتي، الفتى، فانوس، معجزته، حفاوة، ليعين، ولادة، شمس، الحنون" يمكننا القول أنها ألفاظ تتماثل وتتطابق مع تلك التي جاءت في ملحمة "البعل" الكنعانية، فهل أثر المكان والظرف على الشاعر بحيث جعله يستخدم عين فكرة الملحمة، أم ان الشاعر متأثرا بالملحمة الكنعانية؟.
بعد أن يعم الخير بظهور البعل/الخصب، يأخذ الناس بتمجيد القادم الجديد:

"تشرينُ يا نبوءَةَ القلبِ التي
تحقَّقَ افتراشُها للكونِ
ساعةَ انبلاجِ الدِّفءِ في المَدى الفَسيحْ
" تشرينُ يا صديقيَ السَّميحْ
تَفلتَتْ منَّا على عَمايةٍ عقيلةُ الزَّمانِ
بَعدَ أنْ تاهتْ على رَمْضَائِنا
جحافلُ الذين قد شَرَوْا أنوارَهم بظلماءِ البسوسِ
واشترَوْا عُوارَهم بما
زَهتْ بهِ نفائسُ النفوسْ
وفي انْبساطِ غُفلِنا نثرنا كُلَّنا
وما حوَتْ جِعابُنا عطورَ مَجدٍ خاطئٍ
على صِحافٍ منْ بَياضْ
فَسارَ فينا ألفُ عامٍ غافلٍ عنَّا
ومَا يَزالُ كاتبُ التاريخِ تستهوي دواتُهُ
عُفونةَ انتصارهِ لغيهبٍ من الكذبْ
وما يزالُ فاغرًا فمَ الغباءِ ليلُنا الكسيحْ"


 تمجيد "البعل/تشرين" جاء من خلال:
 "تشرينُ يا نبوءَةَ القلبِ التي
تحقَّقَ افتراشُها للكونِ
تشرينُ يا صديقيَ السَّميحْ"
فيبدو لنا المخاطب

هذا قلبي -راميا الصوص


     
          
(هذا قلبي)

هذا قلبي
قد نما في حضنِ الموت
الذي أوهمه أنَّه نبيٌّ
بُعثَ رحمةً له..
وأنَّ الحزنَ آيةُ المؤمنين
والحياةَ من الموبقات.
أنا لا أكتب الشعرَ
ولكنني
 أبكي على طريقتي
فلا تُصفّق لي
 أيُّها الأمد البعيد
بل تقدَّم
وانسج بسيفكَ فوقَ حزني عباءةً
تُمهّد الطريقَ للنار ؛
كي أستطيعَ أن أشتعلَ
وأضحكَ
في آن
وهبْني الشمسَ وخفَّةَ الغيمات
أريدُ أن أخرجَ عن ملَّةِ الموت
وأحيا.
-راميا الصوص - كاتبة فلسطينية 

الاثنين، 6 أغسطس 2018

البناء والعتبات الفنية في قصص الأطفال قصة «أشتاق..أشتاق» لناهد الشوا أنموذجاً/ عبد الرحيم حمدان حمدان





ملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى تناول القصة في أدب الأطفال في فلسطين، وقد وقع الاختيار على قصة" أشتاق..أشتاق" للكاتبة الفلسطينية ناهد الشوا؛ لأنها من قصص الأطفال الناضجة فنياً ومحتوىً، وتحتوي على قيم إنسانية وتربوية، وتتناول واقع الطفل الفلسطيني المعيش، وتقع هذه الدراسة في تمهيد تناول فيه الباحث أهمية أدب الاطفال، وقيمته، وحياة الكاتبة، وذكر لأهم آثارها الأدبية القصصية، وتحتوي الدراسة على مبحثين عالج إحداهما عناصر البناء الفني في القصة من فكرة، وأحداث، وشخصيات، ولغة وأسلوب، وعقدة، وحبكة قصصية، في حين قارب المبحث الآخر آليات الإخراج الفني من رسومات وصور، وعنوان، وورق، وغلاف أمامي وخلفي، وقد توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج من أبرزها: أن الدراسـة أكدت تـوافر المقومـات الفنيـة للقـصة المتمثلـة في الحـدث والزمن والمكان، والعقدة والتلوين في الشخصيات، كما تواجدت اللغة بمستوياتها المختلفة، مع إشـارات رمزيـة، وحـسن اسـتعمال لعناصر التشكيل البصري، وختمت الدراسة بذكر لأهم المصادر والمراجع التي استعان بها الباحث في دراسته.
تمهيد:
يمثل أدب الطفل لوناً من ألوان الأدب الذي يرمي إلى مساعدة الطفل على اكتساب مفردات لغوية وسمات أسلوبية، تثري معجمه اللغوي، وتكسبه القدرة على الوصف والتعبير، وتساعده أيضاً على دقة الملاحظة والانتباه والتركيز. (الحديدي،1996، ص13 ).
يعد الأسلوب القصصي من أفضل الوسائل التي من خلالها يقدم المبدع ما يريد أن يقدمه للطفل، كما تعد القصّة من أكثر الأنواع الأدبيّة انتشارًا وشيوعًا بين الأطفال، وأشدّها جاذبيّة لهم(الناشف، 1997 ، ص 20 )، كما أن قصَّ القصة يعين الطفل على امتلاك قدرات القراءة ومهاراتها، ذلك ان القصص تمتاز بالتشويق والخيال، وتنمي لدى الطفل مهارات التذوق الأدبي.
التعريف بالكاتبة:
المؤلفة ناهد محمد الشوا، وهي كاتبة وناشرة فلسطينية معروفة في مجال أدب الاطفال، تنتمي لإحدى الأسر في غزة، أقامت الكاتبة مع أسرتها في السعودية، وهناك عاشت طفولتها الأولى، إذ ترعرعت ودرجت في هذا البلد العربي المسلم، حيث تلقت تعليمها في مدارسها، وتابعت دراستها الأكاديمية في إحدى الجامعات اللندنية، إذ حصلت على تخصص الحاسوب والرياضيات، واشتغلت بالكتابة، وتوزع نتاجها ما بين أدب الأطفال، والثقافة العامة، والفكر، وتخصصت في قصص الاطفال، وكان إحساسها بالأمومة الحافز الأول للكتابة للأطفال بعد ان أصبحت أماً. وقد نشرت قسماً كبيراً من أديها في مختلف المجلات والصحف والكتب، وعقدت عدداً من اللقاءات في غير فضائية عربية تعنى بأدب الطفل شاركت بأعمالها الأدبية في عدد من معارض الكتب مثل: معرض الشارقة، ومعرض الكتاب العاشر في رام الله سنة 2016م، وكونت في كندا مؤسسة دار نون للكتب، لا سيما أدب الطفل، وأصدرت عدداً من الكتب الثقافية، وقصص الأطفال(https://twitter.com/nahedalshawa?lang=ar). وقد حصلت الكاتبة على جائزة مؤسسة الفكر العربي عن كتابها "هو والآخر" لعام 2015م،
أصدرت الكاتبة عدداً كبيراً من قصص أطفال نذكر منها على سبيل المثال: أحلام ورقة، بابا عمر، حصاني، بنت أم ولد، روس البحر، فيل في سريري، بيت بيوت، كتب كتبأ، أندى وليلي معاً، علم واحد، وطن يتقبل كل الألوان،( http://bazaralketab.com ).
تتردد الكاتبة إلى غزة بين الفينة والأخرى، وقد شاركت في مجال أدب الأطفال في غير مركز من مراكز الطفل بغزة.
تتكون قصة الأطفال" أشتاق .. أشتاق.." من أربع وثلاثين صفحة، وهي من النوع المتوسط مقاس 22 x 05 25 سم، وهي مأخوذة من سلسلة قصصية بعنوان: "كل التحايا"، صادرة عن دار نون للقصص التي أسستها الكاتبة.
المبحث الأول: عناصر البناء الفني في قصة أشتاق..أشتاق..
من المعلوم أن تقنيات البناء الفني لقصة الأطفال تسهم في إبداع قصة أطفال جيدة وناجحة، إذ تبدأ عملية البناء بالحدث الواقعة الأولى، وما يليها من أحداث، ينمو فيها الصراع مع الحركة في القصة، حتى تصل إلى العقدة في البناء (الذروة)، ومن ثم تبدأ العقدة في الحل بالتدريج في طريق الوصول إلى النهاية التي اختارها لها الكاتب، فضلاً عن عناصر اللغة والأسلوب، والنهاية. وسيتم تناولها بالدرس والتحليل على النحو الآتي:
الفكرة:
يقصد بالفكرة ما يريد الكاتب أن يقوله من خلال القصة، وتدور فكرة هذه القصة حول طفل فقد أباه، فأصيب بالوجع والحزن، وشعر بالفراغ القاتل والوحدة بعد رحيله، ولكنه خرج من هذه الحالة النفسية بالانتصار على الفراغ والضياع، وأصر على أن يظل يتذكر أباه، ويشتاق إليه دائماً.
تؤدي الفكرة في هذه القصة مستويات متنوعة: أحدهما مستوى حقيقي، والأخرى مستويات دلالية تأويلية رمزية، فالأب على المستوى الرمزي قد ينفتح على دلالات رحبة موحية، إذ قد يقصد بالأب هنا "الشهيد"، رمز الفداء والتضحية، وقد يقصد به أيضاً "الوطن"، فالطفل يصر على التواصل والارتباط مع الوطن، وإنه سيظل يذكر وطنه، ولن ينساه، وسيظل يشتاق إليه، وإن ظن بعض الفلسطينيين في وقت من الأوقات أنهم لن يروا هذا أبداً، وفي هذا رد قوي وجازم على أكذوبة المقولة الصهيونية المنكرة التي مفادها: "يموت الكبار، وينسى الصغار"، وفيه كذلك تعميق للفكرة، ومنح البعد الإنساني غناء وعمقاً في القصة.
يبدو أن الكاتبة انطلقت في التعبير عن فكرتها من القيم والمبادئ الإسلامية التي تحث على بر الوالدين بعد موتهما، فلم يأمرنا الإسلام ببرّ الوالدين في حياتِهما فقط، وإنّما يدفعنا إلى بِرُّهما بعد موتهما؛ لأنهما قد أحسنا إلي الواحد من أبنائهما إحساناً عظيماً في حال الصغر، وربياه، وأكرماه، وتعبا عليه، فالواجب على الابن أن يقابل المعروف بالمعروف، والإحسان بالإحسان، وأن يكثر من الدعاء لهما بالرحمة، والعفو والمغفرة، والحنين إليهما، والشوق إلى أعمالهما، والإكثار من الصدقة عنهما، فإن هذا كله مما شرعه الله - جلّ وعلا - في حق الولد لوالديه، ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه سئل: عن حق الوالدين بعد مماتهما؟ فقال له سائل: يا رسول الله، هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرهما بعد وفاتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما"(أبو داود، 1998، رقم 4476).
يحق للقارئ أن يتساءل: لماذا اختارت الكاتبة رحيل الأب دون غيره من أفراد أسرتها؟
لعل الإجابة عن هذا التساؤل تتمثل في كون الأب هو عماد الأسرة، ووجوده في حياة الأطفال، يعني الحماية والرعاية، وحنان الأبوة وعطفها، فالأطفال بحاجة إلى أن يكون مَنْ يحميهم ويرعاهم ويرشدهم، فالأب هو الراعي الأساسي للأسرة، وهو المسؤول عن رعيته، فوجود الأب كمعلم في حياة الطفل، يعد من العوامل الضرورية في تربيته وإعداده، ومشاركته في تربية الأبناء شيء في غاية الأهمية، لما له من تأثير قوي في شخصية الأبناء، فالأب يستطيع تحقيق التوازن الأسري، من خلال اهتمامه بأبنائه ومصاحبتهم ومعرفة أفكارهم وميولهم وهواياتهم، من هنا سبب رحيله فقداً وألماً وحزناً، لا سيما حين تكون الطفل وأسرته في الغربة، والشتات والبعد عن الوطن.
وتحمل قصة "أشتاق ..أشتاق" رسالة إلى الطفل العربي المسلم قيماً تربوية وتعليمية وخلقية منها:
غرس العلاقات الحميمية الإيجابية التي تربط بين الأب وأبنائه.
عدم استسلام الطفل للحزن والاستسلام لليأس، محاولته الدائبة للتخلص منه والتغلب عليه. 
من مظاهر وفاء الأبناء لآبائهم أن يظلوا يتذكرونهم ويشتاقون إليهم.
غرس قيمة محبة الآباء لأبنائهم والعمل على سعادتهم حتي يظلوا امتداداً لهم.
ولا شك في أن الفكرة الجيدة عنصر أساسي للقصةٍ، يقبل الطفل على قراءتها، وتمثل غاية ينتهي إليها من القراءة. ( شحاته ، 2000 ص164). والفكرة في قصة الكاتبة واضحة بسيطة بعيدة عن الغموض والتعقيد والسطحية والسذاجة؛ الأمر الذي جعلها قادرة على تحقيق أهدافها المنشودة.
الحكاية والأحداث:
الأحداث أو الوقائع عنصر مهم من عناصر القصة، ويقصد بها : سلسلة الوقائع التي تبنى عليها القصة وهي صلب الحكاية أو ما يسمى بالمتن القصصي( الشنطي، 1992 ، ص 330 ).
تبدأ الأحداث في القصة بتمهيد بسيط قصير، يفهم القارئ من خلال القصة الحقائق اللازمة؛ لفهم ما سيأتي من أحداث، تقول الكاتبة:
عندما رحل أبي..
عرفت أني لن أراه اليوم..
لن أراه غدا.. ولن أراه أبداً! (القصة، ص 4).
وتتطور الأحداث، وتنمو تدريجياً، ويشعر الطفل بالحزن والوجع لفقده أبيه، ويزداد شوقه إليه، بيد أنه يصاب بحاله نفسية يشعر فيها بالفراغ الذي خلفه والده بعد رحيله، وما نجم عنه من ألم وحزن وكآبة، تقول الكاتبة:
أشتقتُ إليه البارحة.. أشتاق إليه اليوم..
وسأشتاق إليه غداً ..أشعر بفراغ أليم..
لأبي أشتاق.. أشتاق.. (القصة، ص 9).
ويحاول الفراغ وما تولد عنه من ضياع ووحدة أن يهيمن على الطفل، ويسيطر على تصرفاته، ولكنه لم يستسلم له، وظل يقاومه، ويتوصل الطفل بذكاء وفطنة إلى مصاحبة الفراغ، والتعامل معه بحنكة وروية، وصار يصاحبه إلى كل مكان.
وبعد ذلك تأخذ الأحداث في الانحلال رويداً رويداً، ويظل الطفل يشتاق إلى والده، ويحن إلى تلك الأيام الحلوة التي كان يتمتع بها في كنفه، إنها نهاية رائعة، دفع إليها ذلك الانسجام الكامل بين عناصر القصة القصيرة في تطورها العضوي البسيط، فجاءت ولادة طبيعية سلسة تكمل التفاؤل والأمل والإشراق.
لقد نجحت الكاتبة في رسم صورة ذهنية تلفت بها انتباه الطفل القارئ على خطورة الفراغ، وما يسببه من وحدة ووجع في عالمه الأرحب الذي ينتظره متى عقد العزم على إعمال العقل، ورغب في أن يكون إنساناً وفيا لمحبة أبيه.
وليس من قبيل المصادفة أيضاً أن تجعل الكاتبة الطفل هو المحرك الرئيس للأحداث، فهو من أدرك المشكلة، وهو الذي بحث عن حل لها؛ الأمر الذي دعم فكرة قدرة البطل على أن يكون شيئاً، وأن منبع تلك القدرة يكمن في داخل الإنساني، لا في خارجه.
جاءت أحداث القصة بسيطة سهلة، مبنية على موقف واحد، وحكاية واحدة، ووردت مرتبة ترتيباً زمنياً أي: تنمو بطريقة منطقية، ويدرك القارئ أن الأحداث في القصة مترابطة، كل حدث يفضي إلى ما بعده. وبذلك تتضح أهمية الحدث في البناء الفني للقصة، ويتجلى دوره المهم في سبك تماسكها، وإعطائها صبغة الحياة والحركة.
الصراع:
وهو شكل من أشكال النضال والمقاومة بين قوتين متضادتين، ويتمثل الصراع هنا في نضال الطفل للفراغ ومقاومته إياه، والانتصار عليه، أي ينتصر الخير على الشر، ففي قصص الاطفال لا بد من انتصار الخير وتحبيذه لدى الأطفال. تقول الكاتبة عن هذا الصراع:
حاولت أن أختبئ منه، لكنه كان يجدني!
حاولت أن أهرب منه، لكنه كان يلاحقني! (القصة، ص 13).
وأخيراً يتمكن الطفل من قهر هذا الفراغ والسيطرة عليه:
ومع الوقت صار الفراغ يصغر ويصغر!
يصبح أصغر وأصغر! (القصة، ص 26).
العقدة:
يقصد بالعقدة الذروة التي تبلغها الأحداث في القصة، من حيث تدرجها في الحل، وتعد العقدة مكوناً أساسياً تنتهي إليه الأحداث في تجمعها وتشابكها، تقول الكاتبة عن بداية العقدة:
ثم تأخذ العقد في الحل تدريجياً، إذ صادق الطفل الفراغ وانسجم معه:
كان الفراغ يسمعني، أغني أحياناً،
وأحياناً كان على خجل يرقص معي! (القصة، ص 22).
وبعدها نجح الطفل في التخلص من هيمنة الفراغ وبدأ حياته من جديد:
حتى بات يوماً أراه، ويوماً لا أراه ولا يراني!
يذكرني أحياناً، ويوماً ينساني تماماً! (القصة، ص 27 ).
فالعقدة في هذه القصة بسيطة، غير معقدة؛ بسبب بساطة الأحداث، فالأحداث قائمة على موقف واحد أو حدث واحد، وليست مبنية على أحداثً مركبة (صالح،2005 ص274).
الشخصيات:
يقصد بالشخصيات الكائنات الحية التي تدور حولها الأحداث، وشخصية البطل محور أساسي في إنجاح القصة، يتوقف عليها تطور الأحداث ونوعية الحل.
تعد الشخصية في أدب الطفل بعداً مهماً من أبعاد القصة ومحـوراً أسـاسياً، وعليه ينبغي أن تكون شخصيات قصص الأطفال واضحة، ومجسدة ، وأن لا يظــهر تنـاقض فـــي أقوالهــا وأفعالهــا) الأمين، 2006 ،118 ).
تدور القصة حول شخصية محورية واحدة هي شخصية الطفل الذي تروي القصة على لسانه، ولم تقم الكاتبة بذكر اسم الطفل، ولم تحدد نوعه الاجتماعي، أهو ذكر أم أنثى؟ ولكن نظرة متمعنة إلى الصور المصاحبة للرسومات تهدي إلى القول بأن الطفل يحمل ملامح الذكر، وليس الأنثى، وأغلب الظن أنه ينتمي إلى الفئة العمرية المتوسطة أي من السادسة إلى التاسعة، وتتسم ملامحه النفسية بالصلابة والقوة والمقاومة والوفاء .وكأن الكاتبة قد تعمدت إغفال ذكر ذلك؛ لتتيح للطفل القاري القدرة على إدراك هذه الأبعاد بنفسه، فتزداد المتعة واللذة لديه.
أما الشخصية الثانوية، فتتمثل في الفراغ، وقد حاولت القاصة أنسنة هذا الفراغ، فأضفت عليه سمات الكائن الحي، وبعثت الحياة فيه، فشخّصته، وجعلته إنساناً يتحرك، ويأكل، ويشرب، ويغني، ويرقص، إن هذه الوسيلة زادت من عنصر التشويق في القصة، وحفزت الطفل على التخيل والتفكير والمتابع.
وهناك شخصية الأب التي برزت عن طريق الوصف، وليس عن طريق تحريك الاحداث، تظهر الشخصية في القصة بوضوح وجلاء، وهي شخصية نامية تتجلى رويداً رويداً، ولم تكن شخصيات القصة شخصيات جاهزة، وإنما هي شخصية نابعة من أحداث القصة نفسها.
البيئة الزمانية والمكانية:
من العناصر الهامّة في القصّة تحديد زمان ومكان وقوع أحداثها: وتنقسم عذه البيئة إلى قسمين:
أ ـ الزّمان: يمثّل الزّمن عنصرًا من العناصر الأساسيّة الّتي يقوم عليها فنّ القصّ، فإذا كان الأدب يعدّ فنًّا زمنيًّا، فإنّ القصّ هو أكثر الأنواع الأدبيّة التصاقًا بالزّمن”(قاسم،1984، ص 56).
وفي هذه القصة لم تحدّد الكاتبة زمنًا معيناً لوقوع الأحداث إلّا أنّ القارئ يستطيع أن يستنتج أنّ هذه الأحداث يمكن أن تقع في أي زمان، لكنها تعبر عن فكرة إنسانية عامة. إضافة إلى استخدام الفعل المضارع بكثرة في السرد، وبالمقابل حدّدت الكاتبة بعض الأزمنة العامّة غير المحدّدة، مثل: اليوم، البارحة، غداً.
ب . المكان: المكان عنصر مهم من عناصر البناء القصصيّ الّذي تدور فيه الأحداث، وتتحرّك فيه الشخصيّات، كما يؤدي المكان دورًا أساسيًّا في إظهار المضمونّ للقصّة، وقد يجعل الكاتب المكان مقدّمة للقصّة وتمهيدًا لها، وفي هذه القصّة لم تختر الكاتبة وقوع معظم أحداث القصةّ، وإنما جات أماكنها متنوعة مثل: البيت والمدرسة والبستان والمسبح، وغيرها، وجميعها مسرح أحداث القصة.
اللغة والأسلوب:
اللغة عنصر أساسي في قصة الطفل، كما أنّ اللّغة تختلف من سائر العناصر الفنّيّة بأنّها الوعاء الحامل لفكر الإنسان، وهي القادرة على جعل الماضي واقعًا‌ معاشًا، كما أنّها تمتدّ بالحاضر إلی رؤية مستقبليّة مشحونة بالتوقّعات، وتمتاز كذلك بالدّيناميّة في بنائها، فتشكّل تجانسًا في العمل من خلال أدوارها، وعليها أن تكون منسجمة مع أسلوب الكاتب في رسم شخصيّاته” (السعافين،1989، ص 68).
جاءت القصة بسيطة رقيقة تتناسب مع الفئة العمرية، وهي لغة موحية لا تعبر مباشرة عن المحتوى، فقد أوحت اللغة بموت الأب ورحيله دون أن تصرح بذلك مباشرة، ولغة القصة مجازية استخدمت الصور البيانية في التعبير عن انفعالات الكاتبة وأحاسيسها، تقول الكاتبة:
عندما رحل أبي..
عرفت أني لن أراه اليوم..
لن أراه غدا.. ولن أراه أبداً..(القصة، ص 4).
والسرد القصصي تقنية فنية اعتمدت عليها الكاتبة بدلاً من الحوار، ويقصد بالسرد "نقل الاحداث من صورتها الواقعية الى صورة لغوية( شحاته، 2000 ص 168).
وقد جاء السرد في هذه القصة بضمير المتكلم والبوح الذاتي، وهو العنصر الغالب على القصة الذي يوحي بالصدق الواقعي؛ لأن أسلوب السرد أكثر مناسبة وملاءمة لمثل هذا النوع من القصص”(إبراهيم، 2000، ص19).
لقد عمدت الكاتبة إلى انتقاء ألفاظها واختيارها بعناية ودقة؛ لتدل على الانفعالات والمشاعر، وقد هيمن أسلوب التكرار ألفاظاً وتراكيب على لغة الكاتبة، فالقارئ لكلمات القصة يجد فيها تكراراً كثيراً، ومثال التكرار قول الكاتبة:
حتى صار الفراغ صغيراً جداً .. جداً .. جداً!
وبقي مكانه صغيراً جداً .. جداً .. جداً!
وسأبقى أحب أبي ..
ولن أنساه أبداً.. أبداً .. أبداً..
ودوماً له أشتاق! (القصة، ص 28 - 31).
استخدمت الكاتبة التّكرار؛ ربما لأنه مناسب وملائم لمرحلة الطفولة المتوسطة، حيث حاجتهم إلى التكرار من أجل تثبيت رسم الكلمة، وصورتها في أذهانهم؛ ولأن التكرار يعطي الطفل حافزاً لمتابعة قراءته، ولا يصاب بالإحباط من كثرة الكلمات الجديدة التي لا يعرف قراءتها، ولا يفهم معناها فيحْجِمُ بذلك عن القراءة لكثرة المحبِطَات.
ونجحت الكاتبة أيضاً في استعمال الجمل البسيطة، واشتمال الفقرة على فكرة واحدة، فالكلمة تعبر عن معنى واحد داخل السياق، وقد استخدمت القصة اللغة الفصيحة، بعيداً عن اللغة العامية، وهذا يشي يتمسك الكاتبة باللغة ودورها في الحفاظ على جماليات اللغة الفصحى.
استخدم الكاتب الجمل القصيرة والمتوسّطة الطّول، وجاءت معظم الجمل معطوفة على ما قبلها بأداة عطف وخاصّة الواو، وأحيانًا بدون أداة. كذلك استخدم الجمل الفعليّة بكثرة، وهذا ما يميّز النّصّ السّرديّ، فقد استعمل الفعل المضارع كثيرًا؛ ليؤكّد على الزّمن الحاضر، وأن الأحداث ما زالت مستمرّة حتّى اليوم.
وظفت الكاتبة بعض الأساليب البيانيّة: كالتّشبيه والاستعارة؛ الأمر الذي يميّز الكتابة الأدبيّة، مثل التجسيم:
صار الفراغ وجعاً، يكبر.. يكبر.. يكبر
وكلما مر يوم صار أكبر أكبر! ( القصة، ص 11 ).
حاولت أن أختبئ منه، ولكنه كان يجدني!
حاولت أن أهرب منه، ولكنه كان يلاحقني! (القصة، ص 13).
وتوسلت الكاتبة لغة الإيقاع النغمي في القصة، وكأن الفقرة أسطر شعرية، فيها اللغة الموحية والصورة الفنية والإيقاع المنبعث من القافية الموحدة تقول:
أمسكت به وحاولت أن أرميه بعيداً،
لكنه لا زال كالوحش يظللني..
غضبت منه.. يسكنني..
صرخت في وجهه، علّه يمضي ويتركني! (القصة، ص 14).
فالدوال:"يظللني، يسكنني، يتركني ينبعث منها نغم موسيقي حزين، بسبب تكرار صوت النون الذي يوحي بالحزن والأمين والحالة النفسية المتألقة.
في العبارات السابقة يجد القاري تكراراً كثيراً، وهو يتماهي مع أطفال المرحلة المتوسطة، حيث حاجتهم إلى التكرار في سبيل تثبيت رسم الكلمة وصوتها في أذهانهم؛ ولأن التكرار يمنح الطفل حافزا لمتابعة قراءة القصة، ولا يصاب بالإحباط من كثرة الكلمات الجديدة التي لا يعرف قراءتها، ولا يفهم معناها، فيحْجِمُ بذلك عن القراءة لكثرة المحبِطَات.
وفي هذا السّياق يجب أن نلفت الانتباه على أن الباحث لم يعثر على أخطاء مطبعية أو لغوية في القصة وربما ذلك راجع إلى تمكن القاصة من اللغة العربية إذ كثيرا ما كانت تدعو المؤلفين والمربين والآباء والأمهات وكتاب القصة إلى الاهتمام باللغة العربية، والتركيز عليها في أثناء تربيتهم للأطفال، وعدم تهميشها لصالح اللغات الأخرى، قائلة:" يجب علينا أن نعلم أطفالنا هويتهم الأصلية ولغتهم الأم، لأنها مهمة في عملية التربية وخلق شخصية الطفل"(الشوا، www.dr-fahad-alharthi.com). فضلاً عن أن الكاتبة عهدت بقصتها إلى مشرفة لغوية لمراجعتها، وهي الاخت فاطمة الصالح.
أكدت الدراسـة تـوافر المقومـات الفنيـة للقـصة المتمثلـة في الحـدث والزمن والمكان، والعقدة والتلوين في الشخصيات، كما تواجدت اللغة بمستوياتها المختلفة، مع إشـارات رمزيـة، وحـسن اسـتعمال لعنصر التشكيل البصري.
غني عن البيان أن البناء الفني لقصص الأطفال يتسم بالبساطة في البناء، وتشابك الأحداث، والابتعاد عن التعقيد والتراتبية في الزمن، والثبات في المكان.
المبحث الثاني: العتبات الفنية:
يقصد بالعتبات الفنية تقنيات الإخراج الفني القصة أو آليات التشكيل البصري من رسومات وصور وألوان وغلاف ونوعية الورق. أن هذه العتبات الفنية تعطي قيمة جمالية للقصة وتجذب انتباه القارئ إليها.
1 - العنوان:
يمثل العنوانُ عنصراً أساسياً من عناصر العتبات الفنية في قصة الطفل، به تُعرف القصة، وهو يشتق من بيئة الطفل، وهو المفتاح الذهبي للولوج إلى عالم القصة ومضمونها (صالح،2005 ص243)، وعنوان هذه القصة هو:(أشتاق.. أشتاق..)، وهو يعبر عن الإحساس بالشوق والحنين للأب، ويحمل هذا العنوان دلالات موحية كثيرة، إنه يثير تساؤلات عدة: من الذي يشتاق؟
ويشتاق لمن؟ وما هي دوافع هذا الشوق؟ كل هذه التساؤلات لن يستطيع القارئ أن يجيب عنها إلا بعد قراءة القصة كاملة، أما تكرار الفعل المضارع" أشتاق"، فإنه يوحي بالاستمرار والديمومة، إنه يرسخ محتوى القصة في نفس المتلقي، ويشكل الثيمة التي تظل تتردد في القصة كلها بصورة موحية، وقد ورد العنوان مكتوباً بخط كبير الحجم، ملوناً باللون الأزرق الذي يرمز للقلق والحيرة، ويوحي بالشوق والحنين، وهذا ينسجم مع المغزى والغاية التي ترمي الكاتبة إيصاله إلى القارئ.
2 - الغلاف الأمامي:
الغلاف الأمامي في القصة مصنوع من ورق مقوّى سميك، يحتوي على اسم الكاتبة في أعلى الغلاف، يليه العنوان، وهو بحروف أكبر مما في الداخل، والعنوان مرسوم وسط شكل يشبه قلب الإنسان باللون الأحمر، وهذا يشي بمحبة الطفل وشوقه إلى الأب؛ لأن القلب مكمن الحب والشوق، وفي أسفل شكل القلب أرجوحة صفراء اللون معلقة بالقلب، وخلفية الغلاف باللون الأخضر الفاتح الذي يوحي بالجنة ونعيمها، وفي أعلى الصفحة إلى اليسار يستقر رمز دار الطبع، وهو كلمة "نون" باللغة الانجليزية وصورة حصان طائر بجناحية، وفي أسفل الغلاف يقبع اسم الرسام صفاء كسائي، ويوجد في وسط الغلاف عن اليمين شكل لطائر أبيص اللون، وفي جهة الشمال المقابلة شكل فراشة بيضاء محلقة، وهما يرمزان لروح الأب التي مازالت تحلق حرة طليقة في سماء الحياة، وجاء الغلاف قوياً وملوناً ولامعاً، وثمة خطوط باللون الأبيض توحي بالسلام والطمأنينة والحب، وعلى غلاف الكتاب تظهر رسمة بالألوان، تمتدّ إلى الغلاف الخلفيّ، توحي بمضمون القصّة.
لم تحدّد الكاتبة على غلاف القصة، لأيّ فئة عمريّة معدّة هذه القصة، وهذا يعتبر من المآخذ في أدب الأطفال كما يقول فاروق مواسي: “من المآخذ التي أراها في أدبنا للأطفال، أنه لا يحدد على أغلفة الكتب المستوى المعدّل أو معدّل المستوى، كأن يُكتب على الغلاف – معد لأبناء الرابعة-السادسة -. مثلاً، بل يتركون للآباء أن يتصفحوا وأن يقرؤوا، بينما كان من المفروض تبيان الفئة العمرية من جهة، وتظهير الكتاب ببضعة سطور تبين المضمون/ الملخص الذي يعالجه الكاتب، وبهذا نوفر على الآباء جهد التصفح والقرار، ذلك لأن القرار السريع من قبلهم قد يكون غير موفق” (فاروق مواسي 2006، ص67 ).
3 - الغلاف الخلفي:
بتكون الغلاف الخلفي للقصة من خلفية من اللون الأخضر، وفيها صورة طفل، فرح الملامح، يُطيِّر في الهواء طائرة ورقية حمراء، تعبر عن الفرح والشوق إلى الأب، وهناك شهب بيضاء تشي بالحب الصافي النقي، وفي أعلى الغلاف عنوانُ السلسلة التي أخذت منها هذه القصة، وهي سلسلة" كل التحايا"، وفي أسفل الغلاف رمز دار النشر كل وهي دار نون للكتب.
وهكذا يتبين أن الغلاف الخلفي لا يعدو كونه مكملاً ومتمماً للغلاف الأمامي من حيث المضمون والحالة النفسية والالوان والرسومات.
4 - الرسومات والصور:
استخدمت الكاتبة عدداً من الرسومات في القصة التي تتماشى والمضامين الفكرية والحالة النفسية التي تحتويها القصة، الألوان والرسومات والصور هي الألوان الأساسية: الأحمر والأبيض والأخضر، كانت الرسومات متعددة، كل صفحة تختلف عن الأخرى في ألوانها وأحيانا، وهي ألوان مبهرة ومبهجة ثمة تنوع في مكان الكتابة اللفظية في كل صفحات القصة.
إن هذا التنويع يشوق القارئ، ويدفع عنه الملل والسأم، وقد جاءت الرسومات كبيرة من لقطة واحدة، فالرسومات التي في القصة يُلقي عليها الفنُ ظلاله، وهي لم تخل من جمال؛ لأن تقديم صور ورسومات جميلة للأطفال، يساعدهم على تذوق الفن والجمال.
كانـت الـصور متنوعـة في أحجامهـا، كـلٌ بحجـمٍ حـسب مـا يقتـضيه الحدث القـصصي، وجـاء مقـاس22 x 05 25 سم، كما راعت الكاتبة ترقيم الصفحات القصة، حيث بلغت صفحاتها أربعاً وثلاثين صفحة، وكانت الطباعة واضحة جيـدة، ورُوعيـت مـسألة ضبط الكلمات، وكبر حروف الطباعة، واستخدمت القصة الورق الناعم الملون.
وفي مواضع أخرى من القصة يلحظ الباحث أيضاً أن ثمة صفحات جاءت مستقلة بالرسومات، ولا يوجد بها كتابة لفظية ألبتة، ولعل الكاتبة بالتوافق مع الفنانة كانتا ترميان من وراء ذلك إلى أن تتيحا للطفل القدرة على التأمل وإعمال التفكير، وشحذ الذهن؛ للتوصل إلى الكلمات والعبارات غير الموجودة، أو أنهما تهدفان إلى جعل الصورة وحدها توحي بحالة الطفل النفسية، وبما يعتريه من ألم ووجع بسبب الفراغ، فالصور والرسومات هي في حد ذاتها لغة تعبر عما يفكر فيه الطفل ويحس به( شحاته، 2000 ص 15).
جاءت الرسومات في القصة خفيفة الظل ورشيقة كالنص المكتوب، برع الرسام صفاء كسائي في تصميم تعبيرات الوجه؛ لتظهر المشاعر المختلفة للبطل من قلق وتوتر وملل، كما يتجلى في الصفحات الآتية: 4، 7، 8، 17 وغيرها.
تظهر في القصة أربعٌ وثلاثون رسمة ملوّنة داخل الكتاب أي مقابل كلّ صفحة من فقرات النّصّ، وبعضها في خلفيّة الفقرات المكتوبة، وهذه الرّسومات تظهر كأنّها من رسومات الأطفال، وليست لفنّان متمرس؛ الأمر الذي يجعلها أقرب إلى خيال الأطفال وعالمهم، فضلاً عن أن هذه الرّسومات توحي بالمحتوى في معظم هذه الفقرات.
وبالجملة، يستطيع الباحث القول بأنّ الرّسومات التي قامت بها الفنّانة صفاء الكسائي كانت منسجمة إلى حدّ كبير مع الشّكل والمضمون، فعبّرت تلك الرّسومات عن حسّ مرهف عن المحتوى، وهذا التّوافق بين شكل الكتاب الخارجيّ والدّاخليّ، بما فيه من كلمات ورسومات أمر يلائم جيل الطّفولة المتوسّطة.
5 - الحروف وعلامات الترقيم:
جاءت الحروف التي كتبت بها القصة متوسطة الحجم، أي ببنط (20)، وكانت الكلمات مضبوطة بالشكل كلها؛ دفعاً للبس؛ وليسهل على الطفل قراءتها، وقد استخدمت علامات الترقيم في مكانها، وإن كانت الكاتبة قد أكثرت من استخدام علامة التعجب في غير مواضعها؛ تعبيراً عن الانفعال، فضلاً عن إغفال الكاتبة وضع الفاصلة الكبرى في أماكنها المطلوبة مثل:
صار صديقي، أعرفه ويعرفني!
يذهب معي إلى المدرسة!
وأحياناً يدرس معي ويستحم معي!
ويأكل معي ويشرب معي! (القصة، ص 19).
...ألعبُ في المدرسة وأركضُ في البستان! (القصة، ص 24).
فمن حق العبارات السابقة أن توضع الفصلة الكبرى بعد لفظة" معي، ويستحم، معي، ويشرب"، وبعد كلمة "المدرسة، وأركض".
المتأمل في استخدام الكاتبة لعلامات الترقيم، يتبين له أنها أغرمت باستخدام علامات التعجب بكثرة؛ لتعبر عن الانفعالات المتنوعة والإحساس بالكآبة والانطواء والحزن على رحيل الأب، ألا يرى المتلقي أن علامة التعجب والانفعال لم يخلُ منها سطر في الأسطر الأربعة السابقة، بحق أو بدون حق؟
وفي مواضع أخرى أكثرت الكاتبة من استخدام علامة الترقيم الدالة على التوتر، وصـورتها البـصرية(..)؛ لتـدل عـلى توقف صوت المتحدث مؤقتـاً بـسبب التـوتر الـذي يدفعـه إلى إسـقاط الـروابط النحوية، وكان هذا ظاهراً في كل صفحات القصة ومقاطعها، مثل:
شعرت بحزن ..
شعرت بوجع عظيم.. أليم..أليم.. (القصة، ص 6).
اتضح في القصة أيضاً التكامل والانسجام بين كل من المضمون والبناء والإخراج الفني، بحيث لا يتمّ كلّ منهما بمعزل عن الآخر، بأيّ حال من الأحوال، وإنّما يجب أن تربط بينهما معايير أدب الأطفال السّليم، إذ إن العلاقة بين الكتابة والرسم علاقة وثيقة وعميقة، إذ يجسّد التصوير ما يقوله النص، والنصّ بدوره يشرح الصورة والرسومات ويكمّلها.
وخلاصة القول، فقد حققت كتابات ناهد الشوا للأطفال العديد من المواصفات والمقاييس التي تؤهلها لتتبوأ مكانة مرموقة في أدب الأطفال العربي، فقد جمعت بين المقاييس الأدبية الفنية، والمقاييس النفسية التربوية؛ لذلك لا عجب أن يقرأها الأطفال، ويحبوها، إذ غدت قصصها ضمن الكتب المحببة والمفضلة لدى كثير من الأطفال.
التوصيات:
بناء على ما توصلت إليه الدراسة من نتائج، فإنها توصي بما يأتي:
ضرورة العمل على إنشاء دار نشر خاصة لطباعة أدب الأطفال في فلسطين؛ لأن طباعة كتابات أدب للأطفال تمثل إشكالية لدى المبدعين. فبعض الكُتّاب يكتبون ويخزنون ما يكتبون إلي حين ما يجدون دار نشر تضطلع بنشر هذه القصص.
تخصيص مكتبات للأطفال، وتشجيع الأدباء البـارزين عـلى دعمهـا بنتـاجهم الموجه الطفل، وبعث حب القراءة والاطلاع في نفوس النشء وضع استراتيجيات واضحة للنتاج الأدبي للأطفال بإشراف جهات معنية تقنن وتوجه ذلك النتـاج، وحمايـة الإنتـاج الأدبي للطفل من الاندثار مع تقادم الزمن.
التخطـيط الجيــد للتعامـل مــع التقنيـة الحديثـة بــشكل يخــدم أدب الأطفال، في ظل توافرها بأيدي كثير من الأطفال كالإنترنت مـثلا، لتقـديم أعمال ترتقي بالطفل كعمل مكتبات رقمية خاصة بالأطفـال، وأخـذ آرائهـم حولها.
محاولة تذليل الصعوبات التي تواجه كتاب أدب الأطفـال في فلسطين، والمالية منها خاصة - كمنح قروض ميسرة - لضمان تدفق هذا العطاء الفذ لأدبائنا وإفادة الأطفال منه، لكي يمكن تفريغهم ً كليا.
ضرورة أن يجتهد الرسام في جعل الرسومات التي ترافق النص القصصي بمثابة لوحة فنية؛ لكونها محور جذب مهماً، إضافة إلى أن الرسوم تسهم في تنمية ذائقة الطفل، وتوسيع مخيلته التي تقوده في النهاية إلى الابتكار.
المصادر والمراجع:
إبراهيم، عبدالله، (2000). السّرديّة العربيّة. ط2، المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، بيروت.
الأمين، أزاهـر محيـي الـدين، (1989)، أدب الأطفـال وفنونـه، ط١، مكتبـة الرشد، الرياض، ١٤٢٧هـ/٢٠٠٦م.السعافين، إبراهيم. “لغة السفينة”، مجلة الأقلام 24.
سليمان بن الأشعث السجستاني(1998)، أبو داود، سنن أبي داود، تحقيق محمد عوامة، مؤسسة الريان، ط1، المكتبة المكية، مكة المكرمة.
شحاته، حسن،(2000)، أدب الطفل العربي، دراسات وبحوث الدار المصرية اللبنانية القاهرة، ط2.
الشنطي، محمد صالح،(١٩٩٢)، الأدب العربي الحديث: مدارسه وفنونه وتطوره وقضاياه ونـماذج منـه، ط١،دارالأندلس، حائل .
الشوا ، ناهد محمد. (د. ت)، قصة (أشتاق.. أشتاق) دار مون للنشر، كندا.
(الشوا، www.dr-fahad-alharthi.com).
صالح، عالية محمود.(2005)، البناء السّردي في روايات إلياس خوري. أزمنة للنشر والتوزيع، عمّان- الأردن.
قاسم، سيزا.(1984). بناء الرّواية، دراسة مقارنة في ثلاثيّة نجيب محفوظ. الهيئة المصريّة العامّة للكتاب.
مواسي، فاروق. (2006). “لغة الأطفال” من كتاب: مؤتمر أدب الأطفال لفلسطينيي الداخل. مركز ثقافة الطفل، الأسوار عكا.
الناشف، هدى. (1997). استراتيجيات التّعلّم والتّعليم في الطّفولة المبكّرة. القاهرة، دار الفكر العربي.

لا تسخر من عقيدة أحدهم بقلم/ لطيفه محمد حسيب القاضي العقيدة:



لا تسخر من عقيدة أحدهم بقلم
 لطيفه محمد حسيب القاضي العقيدة:

من العَقْد ،وهو الربط والإبرام، والعقيدة في الدين ما يقصد به الاعتقاد كعقيدة وجود الله وبعث الرسل وغير ذلك، وخلاصة ما عقد الإنسان عليه قلبه جازماً به فهو عقيدة، سواء كان حقاً أم باطلاً. والعقيدة: هي الأمور التي يجب أن يصدق بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك، فإن لم يصل العلم إلى درجة اليقين الجازم لا يسمى عقيدة. فإجراء النكاح عقد، وإجراء البيع عقد، وهكذا سائر العقود والعهود تسمى عقداً، مما يدل على أهميتها. فالعقيدة تنبني على اليقين والعقد الذي يستقر في القلب، ويسلم به العقل ويحكم المشاعر والعواطف. فلا تسخر من عقيدة أحدهم فهو يشعر مثلك تماماً بمشاعر مقدسة مهما كانت عقيدته تثير سخريتك فأنت كذلك في اعتقادك ما يثير انتقاده وسخريته. ان الاعتقاد مولد المشاعر المقدسه بصرف النظر عن حقيقته وحكمته ومنطقيته. فالعقيدة تسبق العقل لذلك يشعر معها بمشاعر مقدسة وهذه المشاعر تجعله يؤمن بها ايمان تام . احذروا من السخرية والاستهزاء من عقائد الاخرين فهي انعكاس وعي منخفض وعدم ادراك لقوة العقيدة في توليد المشاعر المقدسة فقد تجد شخص يقتل ويرهب ويدمر لانك تسخر من عقيدته حتى لو كان يعبد الاصنام، فلا تسخر من عقيدة احدهم. والسبب ان ما تم برمجته منذ الطفولة اصبح عقيدة والعقيدة في اللغة تعني (العقدة) اي انها معقدة وصعب حلها لذلك اذا كنت تؤمن انك على حق فكن حكيما وادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فأسرع ما يخرج الشخص (وخاصة اصحاب الوعي المنخفض )عن شعوره ويجعله يتحول لوحش هو التشكيك او السخرية من عقيدته وهذا يؤكد لك ان كل من يعتقد في شيء حتى لو كان حجر اصبح يشعر تجاهه بمشاعر مقدسة بل ويدعو الحجر وعندما يتحقق يعتقد انه استجاب لدعائه ولا يدري ان الله وضع قوانين للكون فعنما تضع بذرة في الارض وترويها تثمر وتزدهر كذلك عندما تضع تنوي وتعتقد في نواياك في ارض القدر تثمر ان كنت مؤمن او كافر . وهذا يفسر لك لماذا اليابان مثلا امة تجني محصول نواياها من ارض القدر وهي امة غير متدينة والسبب انها تستخدم قوانين الله الكونية والقائمة على العدل و المساواة فقانون الارسال والاستقبال ما ترسله حتما ستستقبله لا علاقة له بدين . اي ان الامة التي تستخدم قواتين الله في الارض ستعلوا حتى وان كانت غير مؤمنه بالله ومن لا يستخدم قوانين الله في الارض سيهبط لمستوى متدني حتى ولو كان مؤمن بوجود الله. مثال لو قرر مؤمن ان يقفز من فوق عمارة على الاسفلت وهو مؤمن ولم يستخدم البراشوت كمثال للهبوط سيطبق عليه قانون الجاذبية وسيصاب اصابات بالغة غالبا ما ستؤدي لوفاته اما الكافر لو استخدم البراشوت سينجو والسبب انه استخدم القوانين الالهية في التعامل مع الحدث. فالامة المحبة بعضها لبعض دون عنصرية وطائفية وطبقية ونعرات شعوبية وألقاب عائلية هي امة تطبق قوانين الله في الحياة، فما ترسله ستستقبله اي انهم يرسلون حباً فيعود متجسداً في احداث وظروف ومواقف واشخاص على نقس التردد ليعيشوا حياة بطعم الجنة. اما الامة التي ترسل مشاعر عنصرية وطائفية ونعرات شعوبية وعائلية محملة بالكبر والاحقاد والكراهية يرسلون خبثاً فماذا سيتقبلون اذن؟ ستعود اليهم هذا الطاقة السلبية متجسدة في احداث وظروف ومواقف واشخاص يتبادلون معهم التدمير والفوضى ويتقاسمون معهم الجحيم. لذلك الدول المحبة لبعضها البعض تقول اننا ندعي اننا نمتلك عقيدة عظيمة فيسألون سؤلاً منطقياً اين عظمتها فينا؟ لذلك ما الفائدة ان تمتلك ايفون وانترنت ولا تستخدمه الا في كراهية وشتم وارهاب وسخرية كل من تختلف معهم ثم تقول ان الاسلام دين الرحمة والتسامح قال تعالى (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ). هل هذا يعكس تدينك ام انك افسدت فطرتك وظن المحللين والمتابعين انها عقيدتك. صدقاً من يسخر من من؟ الذي يعتقد ان الله محب رحمن رحيم عفو كريم ثم يكره ويقسوا ويسخر وينتقم ام من ينفذ تعاليم الاسلام رغم انه غير مسلم فيحب ويغفر ويسامح ويحنو..؟! ما الفائدة ان تمتلك قصراً عظيماً كالجنة ( الاسلام واشتق اسمه من السلام ) وتعيش في مستنقع لانه يتماشى مع المستنقع الوضيع الذي تعش فيه فساداً في الداخل ( سخط وحقد وغل وكراهية ونكد وكبر وغيرة وكيد وشماتة وانتقام ). لا تتباهى بعظمة عقيدتك الا اذا كانت عظمتها منعكسة عليك حتى لا يسخر منك من يختلف معك فيها. كن عظيماً بأخلاقك بتعاملاتك برقي فكرك بجنة نفسك المطمئنة ودع من يختلفون معك في العقيدة يتسألون أي عقيدة عظيمة ولدت فيك هذه العظمة. كن خلوقك برقي تعامك مع الناس ،كن معطاء بكرم وبحب حتي تتجسد فيك المحبة،كن عظيما بارتفاع وعيك الشخصي .

هل الفلاسفة يعشقون؟ / لطيفة محمد حسيب القاضي







هل الفلاسفة يعشقون؟
كتبت :لطيفة محمد حسيب القاضي
الفلاسفة هم أناس من بني البشر. بالتالي، يمتثلون للحكايات البيولوجية ذاتها، فإن السؤال في الجوهر استشكالي وعميق جدا، يوحي بمجموعة من التأويلات تتأسس انطلاقا من تمازجات أولية، يكشف عنها تضمين الفلاسفة نصوصهم من الحب. الفلاسفة بشر بالقطع : يأكلون، يشربون؛ ينامون؛ يفرحون؛ يبكون؛ يعقلون؛ يجنون . ومن الثابت أن الفيلسوف يحب الفلسفة أي أنه يطوي العالم بين ثنايا جمجمته، والفلسفة هي الجسد، العقل ؛ المرأة ؛ قهوة الظهيرة ؛ جريدة الصباح ؛ الشعر، الفيزياء، الآخر ... بمعنى يكفيك أن تكون فيلسوفا لكي تتحول إلى عقل كوني.فلا يجب اختزال الحب هنا إلى عشق رجل فيلسوف لامرأة من خلال السياق نفسه للثقافات الاجتماعية. لذلك، حينما يتحدث أو يكتب الفيلسوف عن الحب، فإنه يخترق القوالب والتنميطات لتلك العلاقة الثنائية الشبقية. حتى وإن اتفق الفيلسوف، على أن موضوع الحب هو المرأة. فلا شك، أن طبيعة تفكيره ورؤياته، تدفعه إلى صياغة ممكنات لا نهائية لهذه العلاقة. لم تتحدث سير الفلاسفة كثيرا، عن حكاياتهم مع العشق. وقلة النصوص. من خلال مدارس فلسفية : أفلاطون / أرسطو/ لوكريس / ديكارت/ سبينوزا/ باسكال/ جان جاك روسو / كيركجورد/ شوبنهاور/ نيتشه/ سارتر. سعى الباحث سوفاني، تقديم القارئ بهذا النموذج المصغر لتاريخ الفلسفة، عرضا عن كيفية تفكير الفيلسوف في موضوع العشق. كيفما كانت الرؤية والتقييم، فإنهم جميعا ينتهون إلى هذا العشق اللانهائي لشيء إسمه : الفلسفة. قد يسود الاعتقاد منذ أول تفكير، بأن هناك تعارض بين الحب والفلسفة، بين العاطفي والعقلي، الحسي ثم المجرد. هكذا يتوخى صاحب هذا العمل، التدليل على أن شعور الحب ليس بغريب عن الاندفاع والـتأمل الفلسفيين. كما أنه لا يدخل في إطار اشتغالات الموضة: ((هل من الضروري التذكير بأن الفلسفة ليست في الواقع إلا عشقا للحكمة. بمعنى حينما لا نملكها، فإننا ننزع باستمرار نحوها ؟ وفي الواقع، إذا لم نكن نعلم دائما بأننا حكماء، فإننا نعرف على الأقل بأننا عاشقون). قد يظهر شكل الفيلسوف العاشق أكثر قربا من الفيلسوف. ربما موضوعة الحب كما يراها الفلاسفة، قد لا تبدو على الأرجح عندهم جادة بما يكفي لكي تتم معالجتها فلسفيا. فالتوظيف الفلسفي لفعل عشق، يحيل بلا شك على اندفاع وقوة ذاتية. لذلك : ((من اللازم أن نأخذ على محمل الجد في الواقع نقطة جوهرية مشتركة بين فعل عشق وكذا فعل تفلسف: إنه ليس حالة بل سيرورة. من خلال عشق أو تفلسف، فإننا نرحل ونبحر ولا يمكننا العودة إلى الوراء، ننزع بلا توقف اتجاه شيء أو شخص ما. • مفهوم "أرسطوفان" للحب هو كل واحد يبحث عن نصفه". وهو ما سنجده أيضا من بين أشياء أخرى عند أفلاطون، ديكارت، كيركجورد شوبنهاور ثم سارتر. و نجد فيما وراء البحث عن ماهية مفتقدة للحب (باسكال)، ((العشق ذاته للعثور عن الجوهر الفلسفي)) . واراء للفلاسفة انه يوجد تعارض بين : *العاطفة الأبوية والإبنية، الحب والصداقة : أرسطو /روسو. *الوجد العاشق : لوكريس /شوبنهاور. *حب يتجه إلى الإله : أرسطو / سبينوزا / باسكال/ كيركجورد. * عشق الجمال، وبالأخص الموسيقى : نيتشه. * التجاذب الشعوري حيال الآخر : سارتر. وضع أرسطو ترتيبا لأنواع العاطفة، محللا ومفسرا طبيعة المشاعر التي تحضر سواء عند الأبناء أو الآباء مع اختلاف في التقدير. ذلك أنه سيهل على الآباء أن ينسبوا الأبناء إليهم انسجاما مع المبدأ الذي يؤكد، بأن من يصنع يعرف جيدا ما أنتج والعكس غير صحيح. نشير أيضا إلى العاطفة الأفقية بين الإخوة والأخوات، التي تختلف وتتمايز عن النموذج العمودي من خلال طبيعة العلاقة بين الأبناء والآباء. أما عن الحب الزواجي فإن : ((أرسطو ، الذي تزوج مرتين. كان من بين أول الفلاسفة القدامى، الذين أطروا على الزواج كسبيل للفضيلة واكتمال الذات عبر الآخر)) فالإنسان حيوان سياسي واجتماعي، لكن العلاقة الأولى التي تفرزها الطبيعة هي تلك القائمة بين الرجل والمرأة. فالحب بينهما يتطابق وينسجم مع الطبيعة، لأن الرجل يميل فطريا إلى تشكيل زوج ثنائي، أكثر مما يفكر في بناء مجتمع سياسي. نتذكر بأن نظرية الرؤية عند اليونان، تؤكد على أن بعض ذرات المادة تعمل على إثارة العين، وليست هذه الأخيرة التي تتجه للمادة. تطبيقا لهذه النظرية بخصوص الحب فإن ما نراه ونحبه هو حقيقة الإنسان المحبوب أو المعشوق. إذا كان أفلاطون يؤمن بالحب . وأرسطو يعمل على تجسيده ، فإن لوكريس، يفكك لغزه بالفصل بين الجنس والعاطفة . لكن النقد الأكثر عنفا عند لوكريس يتجه إلى ماهية وجوهر الحب نفسه . ((أي التبعية التي يتضمنها، والخضوع لقاعدة الآخر. لكن ما لم يظهر في نصه، ولم تتم مساءلته هو بالتأكيد الفكرة التي تتضمنها التبعية هنا : كون قاعدة الآخر بالنسبة لي، يمكنها أيضا أن تشكل قاعدة لهذا الآخر )) بوصولنا إلى القرن السابع عشر مع ديكارت عاشق ؟ نقف على سياق معرفي آخر، نكتشف معه بعض المعطيات الشخصية والحميمية من حياة أب الفلسفة الحديثة. بمعنى آخر ماهي الدواعي والدوافع التي يخترقنا على ضوئها الحب لماذا نحب شخصا دون غيره ؟ هناك سببان يدفعانك، إلى حب شخص دون غيرة : (1) واحد يعود إلى الفكر (2) والآخر يرتبط بالجسد تهيئه أجزاء من دماغنا يقوم مصدرها في موضوعات الحواس. أو، هناك تميز بين الدوافع التي ترتبط بالروح من جهة والجسد من ناحية ثانية. جاء ديكارت ليؤكد على عفوية الإحساس الأول بالحب : ((جذبتني فتاة صغيرة حولاء، ولا أعرف لماذا، هذا كل شيئ. ولأن الأمر، كذلك فإن التعلق كان مؤثرا)) شعور يظهر ويتلاشى حين تتم معرفة السبب. إلا أن هذا الحضور اللاواعي عند ديكارت ، لا يشبه الحمولة النظرية التي أعطيت ل اللاوعي الفرويدي : ((دائما من خلال معنى أن شيئا ما يمكنه أو عليه، تبين ذاته بتحويله ذكريات مبهمة إلى أفكار واضحة متميزة من خلال تثبيتها في الفكر. ليس اللاوعي إذن شيئا آخر، غير كونه وعي بشكل مضمر. وإذا وجد في الواقع مؤقتا هذا اللاـ مفسر، فإنه لا يظل مطلقا. مبررات اختيار هذا الشخص أو ذاك،

السبت، 4 أغسطس 2018

حشرجاتُ الثورِ المجنَّح / شظايا الغد / باسم عبد الكريم العراقي



..{ حشرجاتُ الثورِ المجنَّح../ شظايا الغد }..

 شَظيّةٌ مُحترقة..... :
........... وصمتٌ صَدِيء
ودخان..
و..
حِراب..
ثمَّ إحيَ..
بلازمان..
فبينَ النصرِ
والهزيمه..
إنسان..
...........شظيّةٌ مُغتصبَة .... :
على لسانِ السَّوطِ
تموتُ كلُّ اللغات..
............ــ كلُّ الخساراتِ أنا..
..................فمَن يقامر..؟ ــ
..........................شظيّةُ مرجومة .. :
نجيعُ بكارةِ
الياسمينِ
......... تطفي
فوانِسَ رصيفِِ
زرعتُ ...... في أحشائهِ
معراجَ روحي
.........خُفيَةً
عن المتسللينَ 
تحتَ جلدي..
...................شظيةٌ منحورة ... :
.............تلك النوافذُ
المُتسلّلةُ تحتَ 
........ثيابِ الشَّبَق
تفرجُ أفخاذَ 
ألرغبة..
أُمزّقُني
...........لأَلُمَّ بقايايَ..
..وتجلدُني 
ألعيونُ الزجاجيةُ 
و.....................ترحل..
ــ ما أكثرَ ما تغتصبُني ــ
...............................شظيةٌ مُهَرَّبَة..:
سلالمُ أغنياتِ
طفولتي 
تـ
ـغـ 
ـو
رُ
.................الى أحشاءِ
ضَحكاتِ غدي
المتعريةِ
على سُفوحِ
أُمنيةِِ شَرود..
ترقصُ 
على أكتافِ 
...................أنفاسي...
.......شظيةٌ آبِقَةٌ سِرّاً... :
إذاً..
لاأحدَ في الفُلكِ
يعرفُ الحقيقة..
فُكلُّ الطيورِ
تكذب
أو تَدَّعي...
سأقطعُ وحدي
طوفانَ دميَ
المسفـــــــــــــــــــــوح
على أعتابِ 
آلِهَتِهِم
.......وسأصلُ إل........... سـأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأاصلُ إليّ....
باسم عبد الكريم العراقي

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب: قراءة تحليلية

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب قراءة تحليلية بقلم/ جواد العقاد – فلسطين المحتلة أولًا- النص:   مل...