ملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى تناول القصة في أدب الأطفال في فلسطين، وقد وقع الاختيار على قصة" أشتاق..أشتاق" للكاتبة الفلسطينية ناهد الشوا؛ لأنها من قصص الأطفال الناضجة فنياً ومحتوىً، وتحتوي على قيم إنسانية وتربوية، وتتناول واقع الطفل الفلسطيني المعيش، وتقع هذه الدراسة في تمهيد تناول فيه الباحث أهمية أدب الاطفال، وقيمته، وحياة الكاتبة، وذكر لأهم آثارها الأدبية القصصية، وتحتوي الدراسة على مبحثين عالج إحداهما عناصر البناء الفني في القصة من فكرة، وأحداث، وشخصيات، ولغة وأسلوب، وعقدة، وحبكة قصصية، في حين قارب المبحث الآخر آليات الإخراج الفني من رسومات وصور، وعنوان، وورق، وغلاف أمامي وخلفي، وقد توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج من أبرزها: أن الدراسـة أكدت تـوافر المقومـات الفنيـة للقـصة المتمثلـة في الحـدث والزمن والمكان، والعقدة والتلوين في الشخصيات، كما تواجدت اللغة بمستوياتها المختلفة، مع إشـارات رمزيـة، وحـسن اسـتعمال لعناصر التشكيل البصري، وختمت الدراسة بذكر لأهم المصادر والمراجع التي استعان بها الباحث في دراسته.
تمهيد:
يمثل أدب الطفل لوناً من ألوان الأدب الذي يرمي إلى مساعدة الطفل على اكتساب مفردات لغوية وسمات أسلوبية، تثري معجمه اللغوي، وتكسبه القدرة على الوصف والتعبير، وتساعده أيضاً على دقة الملاحظة والانتباه والتركيز. (الحديدي،1996، ص13 ).
يعد الأسلوب القصصي من أفضل الوسائل التي من خلالها يقدم المبدع ما يريد أن يقدمه للطفل، كما تعد القصّة من أكثر الأنواع الأدبيّة انتشارًا وشيوعًا بين الأطفال، وأشدّها جاذبيّة لهم(الناشف، 1997 ، ص 20 )، كما أن قصَّ القصة يعين الطفل على امتلاك قدرات القراءة ومهاراتها، ذلك ان القصص تمتاز بالتشويق والخيال، وتنمي لدى الطفل مهارات التذوق الأدبي.
التعريف بالكاتبة:
التعريف بالكاتبة:
المؤلفة ناهد محمد الشوا، وهي كاتبة وناشرة فلسطينية معروفة في مجال أدب الاطفال، تنتمي لإحدى الأسر في غزة، أقامت الكاتبة مع أسرتها في السعودية، وهناك عاشت طفولتها الأولى، إذ ترعرعت ودرجت في هذا البلد العربي المسلم، حيث تلقت تعليمها في مدارسها، وتابعت دراستها الأكاديمية في إحدى الجامعات اللندنية، إذ حصلت على تخصص الحاسوب والرياضيات، واشتغلت بالكتابة، وتوزع نتاجها ما بين أدب الأطفال، والثقافة العامة، والفكر، وتخصصت في قصص الاطفال، وكان إحساسها بالأمومة الحافز الأول للكتابة للأطفال بعد ان أصبحت أماً. وقد نشرت قسماً كبيراً من أديها في مختلف المجلات والصحف والكتب، وعقدت عدداً من اللقاءات في غير فضائية عربية تعنى بأدب الطفل شاركت بأعمالها الأدبية في عدد من معارض الكتب مثل: معرض الشارقة، ومعرض الكتاب العاشر في رام الله سنة 2016م، وكونت في كندا مؤسسة دار نون للكتب، لا سيما أدب الطفل، وأصدرت عدداً من الكتب الثقافية، وقصص الأطفال(https://twitter.com/nahedalshawa?lang=ar). وقد حصلت الكاتبة على جائزة مؤسسة الفكر العربي عن كتابها "هو والآخر" لعام 2015م،
أصدرت الكاتبة عدداً كبيراً من قصص أطفال نذكر منها على سبيل المثال: أحلام ورقة، بابا عمر، حصاني، بنت أم ولد، روس البحر، فيل في سريري، بيت بيوت، كتب كتبأ، أندى وليلي معاً، علم واحد، وطن يتقبل كل الألوان،( http://bazaralketab.com ).
تتردد الكاتبة إلى غزة بين الفينة والأخرى، وقد شاركت في مجال أدب الأطفال في غير مركز من مراكز الطفل بغزة.
تتكون قصة الأطفال" أشتاق .. أشتاق.." من أربع وثلاثين صفحة، وهي من النوع المتوسط مقاس 22 x 05 25 سم، وهي مأخوذة من سلسلة قصصية بعنوان: "كل التحايا"، صادرة عن دار نون للقصص التي أسستها الكاتبة.
المبحث الأول: عناصر البناء الفني في قصة أشتاق..أشتاق..
من المعلوم أن تقنيات البناء الفني لقصة الأطفال تسهم في إبداع قصة أطفال جيدة وناجحة، إذ تبدأ عملية البناء بالحدث الواقعة الأولى، وما يليها من أحداث، ينمو فيها الصراع مع الحركة في القصة، حتى تصل إلى العقدة في البناء (الذروة)، ومن ثم تبدأ العقدة في الحل بالتدريج في طريق الوصول إلى النهاية التي اختارها لها الكاتب، فضلاً عن عناصر اللغة والأسلوب، والنهاية. وسيتم تناولها بالدرس والتحليل على النحو الآتي:
الفكرة:
يقصد بالفكرة ما يريد الكاتب أن يقوله من خلال القصة، وتدور فكرة هذه القصة حول طفل فقد أباه، فأصيب بالوجع والحزن، وشعر بالفراغ القاتل والوحدة بعد رحيله، ولكنه خرج من هذه الحالة النفسية بالانتصار على الفراغ والضياع، وأصر على أن يظل يتذكر أباه، ويشتاق إليه دائماً.
تؤدي الفكرة في هذه القصة مستويات متنوعة: أحدهما مستوى حقيقي، والأخرى مستويات دلالية تأويلية رمزية، فالأب على المستوى الرمزي قد ينفتح على دلالات رحبة موحية، إذ قد يقصد بالأب هنا "الشهيد"، رمز الفداء والتضحية، وقد يقصد به أيضاً "الوطن"، فالطفل يصر على التواصل والارتباط مع الوطن، وإنه سيظل يذكر وطنه، ولن ينساه، وسيظل يشتاق إليه، وإن ظن بعض الفلسطينيين في وقت من الأوقات أنهم لن يروا هذا أبداً، وفي هذا رد قوي وجازم على أكذوبة المقولة الصهيونية المنكرة التي مفادها: "يموت الكبار، وينسى الصغار"، وفيه كذلك تعميق للفكرة، ومنح البعد الإنساني غناء وعمقاً في القصة.
يبدو أن الكاتبة انطلقت في التعبير عن فكرتها من القيم والمبادئ الإسلامية التي تحث على بر الوالدين بعد موتهما، فلم يأمرنا الإسلام ببرّ الوالدين في حياتِهما فقط، وإنّما يدفعنا إلى بِرُّهما بعد موتهما؛ لأنهما قد أحسنا إلي الواحد من أبنائهما إحساناً عظيماً في حال الصغر، وربياه، وأكرماه، وتعبا عليه، فالواجب على الابن أن يقابل المعروف بالمعروف، والإحسان بالإحسان، وأن يكثر من الدعاء لهما بالرحمة، والعفو والمغفرة، والحنين إليهما، والشوق إلى أعمالهما، والإكثار من الصدقة عنهما، فإن هذا كله مما شرعه الله - جلّ وعلا - في حق الولد لوالديه، ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه سئل: عن حق الوالدين بعد مماتهما؟ فقال له سائل: يا رسول الله، هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرهما بعد وفاتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما"(أبو داود، 1998، رقم 4476).
يحق للقارئ أن يتساءل: لماذا اختارت الكاتبة رحيل الأب دون غيره من أفراد أسرتها؟
لعل الإجابة عن هذا التساؤل تتمثل في كون الأب هو عماد الأسرة، ووجوده في حياة الأطفال، يعني الحماية والرعاية، وحنان الأبوة وعطفها، فالأطفال بحاجة إلى أن يكون مَنْ يحميهم ويرعاهم ويرشدهم، فالأب هو الراعي الأساسي للأسرة، وهو المسؤول عن رعيته، فوجود الأب كمعلم في حياة الطفل، يعد من العوامل الضرورية في تربيته وإعداده، ومشاركته في تربية الأبناء شيء في غاية الأهمية، لما له من تأثير قوي في شخصية الأبناء، فالأب يستطيع تحقيق التوازن الأسري، من خلال اهتمامه بأبنائه ومصاحبتهم ومعرفة أفكارهم وميولهم وهواياتهم، من هنا سبب رحيله فقداً وألماً وحزناً، لا سيما حين تكون الطفل وأسرته في الغربة، والشتات والبعد عن الوطن.
وتحمل قصة "أشتاق ..أشتاق" رسالة إلى الطفل العربي المسلم قيماً تربوية وتعليمية وخلقية منها:
غرس العلاقات الحميمية الإيجابية التي تربط بين الأب وأبنائه.
عدم استسلام الطفل للحزن والاستسلام لليأس، محاولته الدائبة للتخلص منه والتغلب عليه.
من مظاهر وفاء الأبناء لآبائهم أن يظلوا يتذكرونهم ويشتاقون إليهم.
من مظاهر وفاء الأبناء لآبائهم أن يظلوا يتذكرونهم ويشتاقون إليهم.
غرس قيمة محبة الآباء لأبنائهم والعمل على سعادتهم حتي يظلوا امتداداً لهم.
ولا شك في أن الفكرة الجيدة عنصر أساسي للقصةٍ، يقبل الطفل على قراءتها، وتمثل غاية ينتهي إليها من القراءة. ( شحاته ، 2000 ص164). والفكرة في قصة الكاتبة واضحة بسيطة بعيدة عن الغموض والتعقيد والسطحية والسذاجة؛ الأمر الذي جعلها قادرة على تحقيق أهدافها المنشودة.
الحكاية والأحداث:
الأحداث أو الوقائع عنصر مهم من عناصر القصة، ويقصد بها : سلسلة الوقائع التي تبنى عليها القصة وهي صلب الحكاية أو ما يسمى بالمتن القصصي( الشنطي، 1992 ، ص 330 ).
تبدأ الأحداث في القصة بتمهيد بسيط قصير، يفهم القارئ من خلال القصة الحقائق اللازمة؛ لفهم ما سيأتي من أحداث، تقول الكاتبة:
عندما رحل أبي..
عرفت أني لن أراه اليوم..
لن أراه غدا.. ولن أراه أبداً! (القصة، ص 4).
وتتطور الأحداث، وتنمو تدريجياً، ويشعر الطفل بالحزن والوجع لفقده أبيه، ويزداد شوقه إليه، بيد أنه يصاب بحاله نفسية يشعر فيها بالفراغ الذي خلفه والده بعد رحيله، وما نجم عنه من ألم وحزن وكآبة، تقول الكاتبة:
أشتقتُ إليه البارحة.. أشتاق إليه اليوم..
وسأشتاق إليه غداً ..أشعر بفراغ أليم..
لأبي أشتاق.. أشتاق.. (القصة، ص 9).
ويحاول الفراغ وما تولد عنه من ضياع ووحدة أن يهيمن على الطفل، ويسيطر على تصرفاته، ولكنه لم يستسلم له، وظل يقاومه، ويتوصل الطفل بذكاء وفطنة إلى مصاحبة الفراغ، والتعامل معه بحنكة وروية، وصار يصاحبه إلى كل مكان.
وبعد ذلك تأخذ الأحداث في الانحلال رويداً رويداً، ويظل الطفل يشتاق إلى والده، ويحن إلى تلك الأيام الحلوة التي كان يتمتع بها في كنفه، إنها نهاية رائعة، دفع إليها ذلك الانسجام الكامل بين عناصر القصة القصيرة في تطورها العضوي البسيط، فجاءت ولادة طبيعية سلسة تكمل التفاؤل والأمل والإشراق.
لقد نجحت الكاتبة في رسم صورة ذهنية تلفت بها انتباه الطفل القارئ على خطورة الفراغ، وما يسببه من وحدة ووجع في عالمه الأرحب الذي ينتظره متى عقد العزم على إعمال العقل، ورغب في أن يكون إنساناً وفيا لمحبة أبيه.
وليس من قبيل المصادفة أيضاً أن تجعل الكاتبة الطفل هو المحرك الرئيس للأحداث، فهو من أدرك المشكلة، وهو الذي بحث عن حل لها؛ الأمر الذي دعم فكرة قدرة البطل على أن يكون شيئاً، وأن منبع تلك القدرة يكمن في داخل الإنساني، لا في خارجه.
جاءت أحداث القصة بسيطة سهلة، مبنية على موقف واحد، وحكاية واحدة، ووردت مرتبة ترتيباً زمنياً أي: تنمو بطريقة منطقية، ويدرك القارئ أن الأحداث في القصة مترابطة، كل حدث يفضي إلى ما بعده. وبذلك تتضح أهمية الحدث في البناء الفني للقصة، ويتجلى دوره المهم في سبك تماسكها، وإعطائها صبغة الحياة والحركة.
الصراع:
وهو شكل من أشكال النضال والمقاومة بين قوتين متضادتين، ويتمثل الصراع هنا في نضال الطفل للفراغ ومقاومته إياه، والانتصار عليه، أي ينتصر الخير على الشر، ففي قصص الاطفال لا بد من انتصار الخير وتحبيذه لدى الأطفال. تقول الكاتبة عن هذا الصراع:
حاولت أن أختبئ منه، لكنه كان يجدني!
حاولت أن أهرب منه، لكنه كان يلاحقني! (القصة، ص 13).
وأخيراً يتمكن الطفل من قهر هذا الفراغ والسيطرة عليه:
ومع الوقت صار الفراغ يصغر ويصغر!
يصبح أصغر وأصغر! (القصة، ص 26).
العقدة:
يقصد بالعقدة الذروة التي تبلغها الأحداث في القصة، من حيث تدرجها في الحل، وتعد العقدة مكوناً أساسياً تنتهي إليه الأحداث في تجمعها وتشابكها، تقول الكاتبة عن بداية العقدة:
ثم تأخذ العقد في الحل تدريجياً، إذ صادق الطفل الفراغ وانسجم معه:
ثم تأخذ العقد في الحل تدريجياً، إذ صادق الطفل الفراغ وانسجم معه:
كان الفراغ يسمعني، أغني أحياناً،
وأحياناً كان على خجل يرقص معي! (القصة، ص 22).
وبعدها نجح الطفل في التخلص من هيمنة الفراغ وبدأ حياته من جديد:
حتى بات يوماً أراه، ويوماً لا أراه ولا يراني!
يذكرني أحياناً، ويوماً ينساني تماماً! (القصة، ص 27 ).
فالعقدة في هذه القصة بسيطة، غير معقدة؛ بسبب بساطة الأحداث، فالأحداث قائمة على موقف واحد أو حدث واحد، وليست مبنية على أحداثً مركبة (صالح،2005 ص274).
الشخصيات:
الشخصيات:
يقصد بالشخصيات الكائنات الحية التي تدور حولها الأحداث، وشخصية البطل محور أساسي في إنجاح القصة، يتوقف عليها تطور الأحداث ونوعية الحل.
تعد الشخصية في أدب الطفل بعداً مهماً من أبعاد القصة ومحـوراً أسـاسياً، وعليه ينبغي أن تكون شخصيات قصص الأطفال واضحة، ومجسدة ، وأن لا يظــهر تنـاقض فـــي أقوالهــا وأفعالهــا) الأمين، 2006 ،118 ).
تدور القصة حول شخصية محورية واحدة هي شخصية الطفل الذي تروي القصة على لسانه، ولم تقم الكاتبة بذكر اسم الطفل، ولم تحدد نوعه الاجتماعي، أهو ذكر أم أنثى؟ ولكن نظرة متمعنة إلى الصور المصاحبة للرسومات تهدي إلى القول بأن الطفل يحمل ملامح الذكر، وليس الأنثى، وأغلب الظن أنه ينتمي إلى الفئة العمرية المتوسطة أي من السادسة إلى التاسعة، وتتسم ملامحه النفسية بالصلابة والقوة والمقاومة والوفاء .وكأن الكاتبة قد تعمدت إغفال ذكر ذلك؛ لتتيح للطفل القاري القدرة على إدراك هذه الأبعاد بنفسه، فتزداد المتعة واللذة لديه.
أما الشخصية الثانوية، فتتمثل في الفراغ، وقد حاولت القاصة أنسنة هذا الفراغ، فأضفت عليه سمات الكائن الحي، وبعثت الحياة فيه، فشخّصته، وجعلته إنساناً يتحرك، ويأكل، ويشرب، ويغني، ويرقص، إن هذه الوسيلة زادت من عنصر التشويق في القصة، وحفزت الطفل على التخيل والتفكير والمتابع.
وهناك شخصية الأب التي برزت عن طريق الوصف، وليس عن طريق تحريك الاحداث، تظهر الشخصية في القصة بوضوح وجلاء، وهي شخصية نامية تتجلى رويداً رويداً، ولم تكن شخصيات القصة شخصيات جاهزة، وإنما هي شخصية نابعة من أحداث القصة نفسها.
البيئة الزمانية والمكانية:
البيئة الزمانية والمكانية:
من العناصر الهامّة في القصّة تحديد زمان ومكان وقوع أحداثها: وتنقسم عذه البيئة إلى قسمين:
أ ـ الزّمان: يمثّل الزّمن عنصرًا من العناصر الأساسيّة الّتي يقوم عليها فنّ القصّ، فإذا كان الأدب يعدّ فنًّا زمنيًّا، فإنّ القصّ هو أكثر الأنواع الأدبيّة التصاقًا بالزّمن”(قاسم،1984، ص 56).
وفي هذه القصة لم تحدّد الكاتبة زمنًا معيناً لوقوع الأحداث إلّا أنّ القارئ يستطيع أن يستنتج أنّ هذه الأحداث يمكن أن تقع في أي زمان، لكنها تعبر عن فكرة إنسانية عامة. إضافة إلى استخدام الفعل المضارع بكثرة في السرد، وبالمقابل حدّدت الكاتبة بعض الأزمنة العامّة غير المحدّدة، مثل: اليوم، البارحة، غداً.
ب . المكان: المكان عنصر مهم من عناصر البناء القصصيّ الّذي تدور فيه الأحداث، وتتحرّك فيه الشخصيّات، كما يؤدي المكان دورًا أساسيًّا في إظهار المضمونّ للقصّة، وقد يجعل الكاتب المكان مقدّمة للقصّة وتمهيدًا لها، وفي هذه القصّة لم تختر الكاتبة وقوع معظم أحداث القصةّ، وإنما جات أماكنها متنوعة مثل: البيت والمدرسة والبستان والمسبح، وغيرها، وجميعها مسرح أحداث القصة.
اللغة والأسلوب:
اللغة عنصر أساسي في قصة الطفل، كما أنّ اللّغة تختلف من سائر العناصر الفنّيّة بأنّها الوعاء الحامل لفكر الإنسان، وهي القادرة على جعل الماضي واقعًا معاشًا، كما أنّها تمتدّ بالحاضر إلی رؤية مستقبليّة مشحونة بالتوقّعات، وتمتاز كذلك بالدّيناميّة في بنائها، فتشكّل تجانسًا في العمل من خلال أدوارها، وعليها أن تكون منسجمة مع أسلوب الكاتب في رسم شخصيّاته” (السعافين،1989، ص 68).
جاءت القصة بسيطة رقيقة تتناسب مع الفئة العمرية، وهي لغة موحية لا تعبر مباشرة عن المحتوى، فقد أوحت اللغة بموت الأب ورحيله دون أن تصرح بذلك مباشرة، ولغة القصة مجازية استخدمت الصور البيانية في التعبير عن انفعالات الكاتبة وأحاسيسها، تقول الكاتبة:
عندما رحل أبي..
عندما رحل أبي..
عرفت أني لن أراه اليوم..
لن أراه غدا.. ولن أراه أبداً..(القصة، ص 4).
والسرد القصصي تقنية فنية اعتمدت عليها الكاتبة بدلاً من الحوار، ويقصد بالسرد "نقل الاحداث من صورتها الواقعية الى صورة لغوية( شحاته، 2000 ص 168).
وقد جاء السرد في هذه القصة بضمير المتكلم والبوح الذاتي، وهو العنصر الغالب على القصة الذي يوحي بالصدق الواقعي؛ لأن أسلوب السرد أكثر مناسبة وملاءمة لمثل هذا النوع من القصص”(إبراهيم، 2000، ص19).
لقد عمدت الكاتبة إلى انتقاء ألفاظها واختيارها بعناية ودقة؛ لتدل على الانفعالات والمشاعر، وقد هيمن أسلوب التكرار ألفاظاً وتراكيب على لغة الكاتبة، فالقارئ لكلمات القصة يجد فيها تكراراً كثيراً، ومثال التكرار قول الكاتبة:
حتى صار الفراغ صغيراً جداً .. جداً .. جداً!
وبقي مكانه صغيراً جداً .. جداً .. جداً!
وسأبقى أحب أبي ..
ولن أنساه أبداً.. أبداً .. أبداً..
ودوماً له أشتاق! (القصة، ص 28 - 31).
استخدمت الكاتبة التّكرار؛ ربما لأنه مناسب وملائم لمرحلة الطفولة المتوسطة، حيث حاجتهم إلى التكرار من أجل تثبيت رسم الكلمة، وصورتها في أذهانهم؛ ولأن التكرار يعطي الطفل حافزاً لمتابعة قراءته، ولا يصاب بالإحباط من كثرة الكلمات الجديدة التي لا يعرف قراءتها، ولا يفهم معناها فيحْجِمُ بذلك عن القراءة لكثرة المحبِطَات.
ونجحت الكاتبة أيضاً في استعمال الجمل البسيطة، واشتمال الفقرة على فكرة واحدة، فالكلمة تعبر عن معنى واحد داخل السياق، وقد استخدمت القصة اللغة الفصيحة، بعيداً عن اللغة العامية، وهذا يشي يتمسك الكاتبة باللغة ودورها في الحفاظ على جماليات اللغة الفصحى.
استخدم الكاتب الجمل القصيرة والمتوسّطة الطّول، وجاءت معظم الجمل معطوفة على ما قبلها بأداة عطف وخاصّة الواو، وأحيانًا بدون أداة. كذلك استخدم الجمل الفعليّة بكثرة، وهذا ما يميّز النّصّ السّرديّ، فقد استعمل الفعل المضارع كثيرًا؛ ليؤكّد على الزّمن الحاضر، وأن الأحداث ما زالت مستمرّة حتّى اليوم.
استخدم الكاتب الجمل القصيرة والمتوسّطة الطّول، وجاءت معظم الجمل معطوفة على ما قبلها بأداة عطف وخاصّة الواو، وأحيانًا بدون أداة. كذلك استخدم الجمل الفعليّة بكثرة، وهذا ما يميّز النّصّ السّرديّ، فقد استعمل الفعل المضارع كثيرًا؛ ليؤكّد على الزّمن الحاضر، وأن الأحداث ما زالت مستمرّة حتّى اليوم.
وظفت الكاتبة بعض الأساليب البيانيّة: كالتّشبيه والاستعارة؛ الأمر الذي يميّز الكتابة الأدبيّة، مثل التجسيم:
صار الفراغ وجعاً، يكبر.. يكبر.. يكبر
وكلما مر يوم صار أكبر أكبر! ( القصة، ص 11 ).
حاولت أن أختبئ منه، ولكنه كان يجدني!
حاولت أن أهرب منه، ولكنه كان يلاحقني! (القصة، ص 13).
وتوسلت الكاتبة لغة الإيقاع النغمي في القصة، وكأن الفقرة أسطر شعرية، فيها اللغة الموحية والصورة الفنية والإيقاع المنبعث من القافية الموحدة تقول:
أمسكت به وحاولت أن أرميه بعيداً،
لكنه لا زال كالوحش يظللني..
غضبت منه.. يسكنني..
صرخت في وجهه، علّه يمضي ويتركني! (القصة، ص 14).
فالدوال:"يظللني، يسكنني، يتركني ينبعث منها نغم موسيقي حزين، بسبب تكرار صوت النون الذي يوحي بالحزن والأمين والحالة النفسية المتألقة.
في العبارات السابقة يجد القاري تكراراً كثيراً، وهو يتماهي مع أطفال المرحلة المتوسطة، حيث حاجتهم إلى التكرار في سبيل تثبيت رسم الكلمة وصوتها في أذهانهم؛ ولأن التكرار يمنح الطفل حافزا لمتابعة قراءة القصة، ولا يصاب بالإحباط من كثرة الكلمات الجديدة التي لا يعرف قراءتها، ولا يفهم معناها، فيحْجِمُ بذلك عن القراءة لكثرة المحبِطَات.
وفي هذا السّياق يجب أن نلفت الانتباه على أن الباحث لم يعثر على أخطاء مطبعية أو لغوية في القصة وربما ذلك راجع إلى تمكن القاصة من اللغة العربية إذ كثيرا ما كانت تدعو المؤلفين والمربين والآباء والأمهات وكتاب القصة إلى الاهتمام باللغة العربية، والتركيز عليها في أثناء تربيتهم للأطفال، وعدم تهميشها لصالح اللغات الأخرى، قائلة:" يجب علينا أن نعلم أطفالنا هويتهم الأصلية ولغتهم الأم، لأنها مهمة في عملية التربية وخلق شخصية الطفل"(الشوا، www.dr-fahad-alharthi.com). فضلاً عن أن الكاتبة عهدت بقصتها إلى مشرفة لغوية لمراجعتها، وهي الاخت فاطمة الصالح.
أكدت الدراسـة تـوافر المقومـات الفنيـة للقـصة المتمثلـة في الحـدث والزمن والمكان، والعقدة والتلوين في الشخصيات، كما تواجدت اللغة بمستوياتها المختلفة، مع إشـارات رمزيـة، وحـسن اسـتعمال لعنصر التشكيل البصري.
غني عن البيان أن البناء الفني لقصص الأطفال يتسم بالبساطة في البناء، وتشابك الأحداث، والابتعاد عن التعقيد والتراتبية في الزمن، والثبات في المكان.
المبحث الثاني: العتبات الفنية:
يقصد بالعتبات الفنية تقنيات الإخراج الفني القصة أو آليات التشكيل البصري من رسومات وصور وألوان وغلاف ونوعية الورق. أن هذه العتبات الفنية تعطي قيمة جمالية للقصة وتجذب انتباه القارئ إليها.
1 - العنوان:
يمثل العنوانُ عنصراً أساسياً من عناصر العتبات الفنية في قصة الطفل، به تُعرف القصة، وهو يشتق من بيئة الطفل، وهو المفتاح الذهبي للولوج إلى عالم القصة ومضمونها (صالح،2005 ص243)، وعنوان هذه القصة هو:(أشتاق.. أشتاق..)، وهو يعبر عن الإحساس بالشوق والحنين للأب، ويحمل هذا العنوان دلالات موحية كثيرة، إنه يثير تساؤلات عدة: من الذي يشتاق؟
ويشتاق لمن؟ وما هي دوافع هذا الشوق؟ كل هذه التساؤلات لن يستطيع القارئ أن يجيب عنها إلا بعد قراءة القصة كاملة، أما تكرار الفعل المضارع" أشتاق"، فإنه يوحي بالاستمرار والديمومة، إنه يرسخ محتوى القصة في نفس المتلقي، ويشكل الثيمة التي تظل تتردد في القصة كلها بصورة موحية، وقد ورد العنوان مكتوباً بخط كبير الحجم، ملوناً باللون الأزرق الذي يرمز للقلق والحيرة، ويوحي بالشوق والحنين، وهذا ينسجم مع المغزى والغاية التي ترمي الكاتبة إيصاله إلى القارئ.
2 - الغلاف الأمامي:
الغلاف الأمامي في القصة مصنوع من ورق مقوّى سميك، يحتوي على اسم الكاتبة في أعلى الغلاف، يليه العنوان، وهو بحروف أكبر مما في الداخل، والعنوان مرسوم وسط شكل يشبه قلب الإنسان باللون الأحمر، وهذا يشي بمحبة الطفل وشوقه إلى الأب؛ لأن القلب مكمن الحب والشوق، وفي أسفل شكل القلب أرجوحة صفراء اللون معلقة بالقلب، وخلفية الغلاف باللون الأخضر الفاتح الذي يوحي بالجنة ونعيمها، وفي أعلى الصفحة إلى اليسار يستقر رمز دار الطبع، وهو كلمة "نون" باللغة الانجليزية وصورة حصان طائر بجناحية، وفي أسفل الغلاف يقبع اسم الرسام صفاء كسائي، ويوجد في وسط الغلاف عن اليمين شكل لطائر أبيص اللون، وفي جهة الشمال المقابلة شكل فراشة بيضاء محلقة، وهما يرمزان لروح الأب التي مازالت تحلق حرة طليقة في سماء الحياة، وجاء الغلاف قوياً وملوناً ولامعاً، وثمة خطوط باللون الأبيض توحي بالسلام والطمأنينة والحب، وعلى غلاف الكتاب تظهر رسمة بالألوان، تمتدّ إلى الغلاف الخلفيّ، توحي بمضمون القصّة.
لم تحدّد الكاتبة على غلاف القصة، لأيّ فئة عمريّة معدّة هذه القصة، وهذا يعتبر من المآخذ في أدب الأطفال كما يقول فاروق مواسي: “من المآخذ التي أراها في أدبنا للأطفال، أنه لا يحدد على أغلفة الكتب المستوى المعدّل أو معدّل المستوى، كأن يُكتب على الغلاف – معد لأبناء الرابعة-السادسة -. مثلاً، بل يتركون للآباء أن يتصفحوا وأن يقرؤوا، بينما كان من المفروض تبيان الفئة العمرية من جهة، وتظهير الكتاب ببضعة سطور تبين المضمون/ الملخص الذي يعالجه الكاتب، وبهذا نوفر على الآباء جهد التصفح والقرار، ذلك لأن القرار السريع من قبلهم قد يكون غير موفق” (فاروق مواسي 2006، ص67 ).
3 - الغلاف الخلفي:
بتكون الغلاف الخلفي للقصة من خلفية من اللون الأخضر، وفيها صورة طفل، فرح الملامح، يُطيِّر في الهواء طائرة ورقية حمراء، تعبر عن الفرح والشوق إلى الأب، وهناك شهب بيضاء تشي بالحب الصافي النقي، وفي أعلى الغلاف عنوانُ السلسلة التي أخذت منها هذه القصة، وهي سلسلة" كل التحايا"، وفي أسفل الغلاف رمز دار النشر كل وهي دار نون للكتب.
وهكذا يتبين أن الغلاف الخلفي لا يعدو كونه مكملاً ومتمماً للغلاف الأمامي من حيث المضمون والحالة النفسية والالوان والرسومات.
4 - الرسومات والصور:
استخدمت الكاتبة عدداً من الرسومات في القصة التي تتماشى والمضامين الفكرية والحالة النفسية التي تحتويها القصة، الألوان والرسومات والصور هي الألوان الأساسية: الأحمر والأبيض والأخضر، كانت الرسومات متعددة، كل صفحة تختلف عن الأخرى في ألوانها وأحيانا، وهي ألوان مبهرة ومبهجة ثمة تنوع في مكان الكتابة اللفظية في كل صفحات القصة.
إن هذا التنويع يشوق القارئ، ويدفع عنه الملل والسأم، وقد جاءت الرسومات كبيرة من لقطة واحدة، فالرسومات التي في القصة يُلقي عليها الفنُ ظلاله، وهي لم تخل من جمال؛ لأن تقديم صور ورسومات جميلة للأطفال، يساعدهم على تذوق الفن والجمال.
كانـت الـصور متنوعـة في أحجامهـا، كـلٌ بحجـمٍ حـسب مـا يقتـضيه الحدث القـصصي، وجـاء مقـاس22 x 05 25 سم، كما راعت الكاتبة ترقيم الصفحات القصة، حيث بلغت صفحاتها أربعاً وثلاثين صفحة، وكانت الطباعة واضحة جيـدة، ورُوعيـت مـسألة ضبط الكلمات، وكبر حروف الطباعة، واستخدمت القصة الورق الناعم الملون.
وفي مواضع أخرى من القصة يلحظ الباحث أيضاً أن ثمة صفحات جاءت مستقلة بالرسومات، ولا يوجد بها كتابة لفظية ألبتة، ولعل الكاتبة بالتوافق مع الفنانة كانتا ترميان من وراء ذلك إلى أن تتيحا للطفل القدرة على التأمل وإعمال التفكير، وشحذ الذهن؛ للتوصل إلى الكلمات والعبارات غير الموجودة، أو أنهما تهدفان إلى جعل الصورة وحدها توحي بحالة الطفل النفسية، وبما يعتريه من ألم ووجع بسبب الفراغ، فالصور والرسومات هي في حد ذاتها لغة تعبر عما يفكر فيه الطفل ويحس به( شحاته، 2000 ص 15).
جاءت الرسومات في القصة خفيفة الظل ورشيقة كالنص المكتوب، برع الرسام صفاء كسائي في تصميم تعبيرات الوجه؛ لتظهر المشاعر المختلفة للبطل من قلق وتوتر وملل، كما يتجلى في الصفحات الآتية: 4، 7، 8، 17 وغيرها.
تظهر في القصة أربعٌ وثلاثون رسمة ملوّنة داخل الكتاب أي مقابل كلّ صفحة من فقرات النّصّ، وبعضها في خلفيّة الفقرات المكتوبة، وهذه الرّسومات تظهر كأنّها من رسومات الأطفال، وليست لفنّان متمرس؛ الأمر الذي يجعلها أقرب إلى خيال الأطفال وعالمهم، فضلاً عن أن هذه الرّسومات توحي بالمحتوى في معظم هذه الفقرات.
وبالجملة، يستطيع الباحث القول بأنّ الرّسومات التي قامت بها الفنّانة صفاء الكسائي كانت منسجمة إلى حدّ كبير مع الشّكل والمضمون، فعبّرت تلك الرّسومات عن حسّ مرهف عن المحتوى، وهذا التّوافق بين شكل الكتاب الخارجيّ والدّاخليّ، بما فيه من كلمات ورسومات أمر يلائم جيل الطّفولة المتوسّطة.
5 - الحروف وعلامات الترقيم:
جاءت الحروف التي كتبت بها القصة متوسطة الحجم، أي ببنط (20)، وكانت الكلمات مضبوطة بالشكل كلها؛ دفعاً للبس؛ وليسهل على الطفل قراءتها، وقد استخدمت علامات الترقيم في مكانها، وإن كانت الكاتبة قد أكثرت من استخدام علامة التعجب في غير مواضعها؛ تعبيراً عن الانفعال، فضلاً عن إغفال الكاتبة وضع الفاصلة الكبرى في أماكنها المطلوبة مثل:
صار صديقي، أعرفه ويعرفني!
يذهب معي إلى المدرسة!
وأحياناً يدرس معي ويستحم معي!
ويأكل معي ويشرب معي! (القصة، ص 19).
...ألعبُ في المدرسة وأركضُ في البستان! (القصة، ص 24).
فمن حق العبارات السابقة أن توضع الفصلة الكبرى بعد لفظة" معي، ويستحم، معي، ويشرب"، وبعد كلمة "المدرسة، وأركض".
المتأمل في استخدام الكاتبة لعلامات الترقيم، يتبين له أنها أغرمت باستخدام علامات التعجب بكثرة؛ لتعبر عن الانفعالات المتنوعة والإحساس بالكآبة والانطواء والحزن على رحيل الأب، ألا يرى المتلقي أن علامة التعجب والانفعال لم يخلُ منها سطر في الأسطر الأربعة السابقة، بحق أو بدون حق؟
وفي مواضع أخرى أكثرت الكاتبة من استخدام علامة الترقيم الدالة على التوتر، وصـورتها البـصرية(..)؛ لتـدل عـلى توقف صوت المتحدث مؤقتـاً بـسبب التـوتر الـذي يدفعـه إلى إسـقاط الـروابط النحوية، وكان هذا ظاهراً في كل صفحات القصة ومقاطعها، مثل:
شعرت بحزن ..
شعرت بوجع عظيم.. أليم..أليم.. (القصة، ص 6).
شعرت بوجع عظيم.. أليم..أليم.. (القصة، ص 6).
اتضح في القصة أيضاً التكامل والانسجام بين كل من المضمون والبناء والإخراج الفني، بحيث لا يتمّ كلّ منهما بمعزل عن الآخر، بأيّ حال من الأحوال، وإنّما يجب أن تربط بينهما معايير أدب الأطفال السّليم، إذ إن العلاقة بين الكتابة والرسم علاقة وثيقة وعميقة، إذ يجسّد التصوير ما يقوله النص، والنصّ بدوره يشرح الصورة والرسومات ويكمّلها.
وخلاصة القول، فقد حققت كتابات ناهد الشوا للأطفال العديد من المواصفات والمقاييس التي تؤهلها لتتبوأ مكانة مرموقة في أدب الأطفال العربي، فقد جمعت بين المقاييس الأدبية الفنية، والمقاييس النفسية التربوية؛ لذلك لا عجب أن يقرأها الأطفال، ويحبوها، إذ غدت قصصها ضمن الكتب المحببة والمفضلة لدى كثير من الأطفال.
التوصيات:
بناء على ما توصلت إليه الدراسة من نتائج، فإنها توصي بما يأتي:
ضرورة العمل على إنشاء دار نشر خاصة لطباعة أدب الأطفال في فلسطين؛ لأن طباعة كتابات أدب للأطفال تمثل إشكالية لدى المبدعين. فبعض الكُتّاب يكتبون ويخزنون ما يكتبون إلي حين ما يجدون دار نشر تضطلع بنشر هذه القصص.
تخصيص مكتبات للأطفال، وتشجيع الأدباء البـارزين عـلى دعمهـا بنتـاجهم الموجه الطفل، وبعث حب القراءة والاطلاع في نفوس النشء وضع استراتيجيات واضحة للنتاج الأدبي للأطفال بإشراف جهات معنية تقنن وتوجه ذلك النتـاج، وحمايـة الإنتـاج الأدبي للطفل من الاندثار مع تقادم الزمن.
التخطـيط الجيــد للتعامـل مــع التقنيـة الحديثـة بــشكل يخــدم أدب الأطفال، في ظل توافرها بأيدي كثير من الأطفال كالإنترنت مـثلا، لتقـديم أعمال ترتقي بالطفل كعمل مكتبات رقمية خاصة بالأطفـال، وأخـذ آرائهـم حولها.
التخطـيط الجيــد للتعامـل مــع التقنيـة الحديثـة بــشكل يخــدم أدب الأطفال، في ظل توافرها بأيدي كثير من الأطفال كالإنترنت مـثلا، لتقـديم أعمال ترتقي بالطفل كعمل مكتبات رقمية خاصة بالأطفـال، وأخـذ آرائهـم حولها.
محاولة تذليل الصعوبات التي تواجه كتاب أدب الأطفـال في فلسطين، والمالية منها خاصة - كمنح قروض ميسرة - لضمان تدفق هذا العطاء الفذ لأدبائنا وإفادة الأطفال منه، لكي يمكن تفريغهم ً كليا.
ضرورة أن يجتهد الرسام في جعل الرسومات التي ترافق النص القصصي بمثابة لوحة فنية؛ لكونها محور جذب مهماً، إضافة إلى أن الرسوم تسهم في تنمية ذائقة الطفل، وتوسيع مخيلته التي تقوده في النهاية إلى الابتكار.
المصادر والمراجع:
إبراهيم، عبدالله، (2000). السّرديّة العربيّة. ط2، المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، بيروت.
الأمين، أزاهـر محيـي الـدين، (1989)، أدب الأطفـال وفنونـه، ط١، مكتبـة الرشد، الرياض، ١٤٢٧هـ/٢٠٠٦م.السعافين، إبراهيم. “لغة السفينة”، مجلة الأقلام 24.
الأمين، أزاهـر محيـي الـدين، (1989)، أدب الأطفـال وفنونـه، ط١، مكتبـة الرشد، الرياض، ١٤٢٧هـ/٢٠٠٦م.السعافين، إبراهيم. “لغة السفينة”، مجلة الأقلام 24.
سليمان بن الأشعث السجستاني(1998)، أبو داود، سنن أبي داود، تحقيق محمد عوامة، مؤسسة الريان، ط1، المكتبة المكية، مكة المكرمة.
شحاته، حسن،(2000)، أدب الطفل العربي، دراسات وبحوث الدار المصرية اللبنانية القاهرة، ط2.
الشنطي، محمد صالح،(١٩٩٢)، الأدب العربي الحديث: مدارسه وفنونه وتطوره وقضاياه ونـماذج منـه، ط١،دارالأندلس، حائل .
الشوا ، ناهد محمد. (د. ت)، قصة (أشتاق.. أشتاق) دار مون للنشر، كندا.
(الشوا، www.dr-fahad-alharthi.com).
الشوا ، ناهد محمد. (د. ت)، قصة (أشتاق.. أشتاق) دار مون للنشر، كندا.
(الشوا، www.dr-fahad-alharthi.com).
صالح، عالية محمود.(2005)، البناء السّردي في روايات إلياس خوري. أزمنة للنشر والتوزيع، عمّان- الأردن.
قاسم، سيزا.(1984). بناء الرّواية، دراسة مقارنة في ثلاثيّة نجيب محفوظ. الهيئة المصريّة العامّة للكتاب.
مواسي، فاروق. (2006). “لغة الأطفال” من كتاب: مؤتمر أدب الأطفال لفلسطينيي الداخل. مركز ثقافة الطفل، الأسوار عكا.
الناشف، هدى. (1997). استراتيجيات التّعلّم والتّعليم في الطّفولة المبكّرة. القاهرة، دار الفكر العربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق