الأربعاء، 17 يوليو 2019

رسالة إلى الوحدة: محمد الحوراني


محمد الحوراني - الأردن 

‏"رسالة الى الوحدة"

رفيقتي الأزلية غير المحببة، عندما أمسكتُ بالقلم وبدأتُ التفكير بالكتابةِ لكِ لم أكُن أعلمُ ماذا أكتب أو من أين أبدأ حديثي .. لكنني متأكدٌ تماماً من ضرورة هذه الرسالة، فقد أُثقِلَ صدري بكلامٍ أجهل كيف ومتى ولِمن أبوح بحروفِه وقد امتلأتْ مُخيلتي بأفكارٍ شاحبةٍ جعلت من ظلام قلبي مُحكماً للحدِّ الذي يمنعني من رؤية ذكرياتي أو الشعور بوجودها حتى ....
لماذا أنا تحديداً من بين جميع البشر ؟ لماذا تتمسكين بالبقاءِ معي إلى هذا الحد ؟ لماذا تُصرّين على إبعادِ الحياةِ عنّي ؟ كثيرةٌ هي الأسئلة التي أودُّ لو تجيبيني عليها او على أحدها على الأقل، فأنا يا ذات الرّداء الخشن وصلتُ إلى الذّروة في الملل والقلق والإجهاد وكلِّ أنواع التعاسة،، أصبحتْ تُزعجني رسائلي التي لا وِجهةَ لها إلا عُنوانكِ ولا ردَّ عليها إلا صمتكِ ... يُؤذيني أنين قصائدي التي تمنعين خروجها من حجرتكِ الضيقة، فإمّا أن تقتليها أو تسمحين لها بالتّنفُّس خارج أسوار لياليكِ البالية ..
ألا تعلمين يا عجوز الشّؤم أن المبالغة في أيِّ شيءٍ يُفسدُه !؟
وفاؤُكِ الشديد لي يخنقني، قُربُكِ اللّصيقُ مني يُربكني، اهتمامك الحثيث هذا يُكبّلني .. يحبس أنفاسي .....
حتى وأنا أكتب لكِ هذهِ الرّسالة تجلسين معي، تُحدقين في وجهي، ابتعدي عني، أريد أن ابقى وحدي ...
أريد أن أبقى وحدي !!!؟؟؟ يا لسذاجة هذهِ الجملة وغبائها وسُخريتها ! كيف أطلب منكِ ما تقدميهِ لي دائماً بكرمٍ وسخاء حتى دون أَن أطلب !!؟
يُقال أن لكلِّ قصةٍ بداية ونهاية؛ إلا قصتي معكِ .. فلا أستطيع حصر بدايتها بتاريخٍ مُعيّن أو مرحلة محددة من عمري، فهي عتيقةٌ بعُمق...
أمّا النهاية فيبدو أنها بعيدة .. أبعدُ من أن أتخيلَ شكلها، ورُبما لن تأتي ..
تعبت ...
تعبتُ منكِ، بقائي الحتميُّ مُنفرداً يُشعرني بالبرد والخوف ... أشعرُ أنني أُصبتُ بالكهولة وأنا لا زِلتُ في عزِّ شبابي، عُزلتي هذه نخرت عظامي .. أضعفتني .. سلبت حرارة دمي .. صمتي الدائم خدَّرَ روحي وجلبَ لها الهشاشة والوهن .
أبغضُ هذا الفراغ الذي يعتريني، فقد أنساني جزءً كبيراً من تفاصيلي .. نسيت كيف أكون "انا" دون أن افكر .. أشتاق لِأَن أكون بكلِّ بساطةٍ "انا" .... أخاف أن أتعوَّدَ وأستأنسَ وجودكِ فتسكنين جوارحي حتى نهاية العمر، فأفقد ما تبقّى من تفاصيلي وتُدفنُ روحي في بحاركِ وأنسى تماماً ما كنتُ عليهِ قبلَكِ ..

في نهاية هذهِ الرّسالة التي تقرئينها قبل أن أرسلها .. وحتى قبل أن أكتبها ..
    أطلبُ منكِ راجياً أن تعيدي لي مهارة "السعادة" التي سلبتني إياها عُنوةً وأن تُقللي من حِدّة عبوسي لأن شكلي أصبح مُنفراً بعض الشيء ...


أُنهي رسالتي على أمل الوداع ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب: قراءة تحليلية

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب قراءة تحليلية بقلم/ جواد العقاد – فلسطين المحتلة أولًا- النص:   مل...