نصر أبو بيض - كاتب ومحرر في بوابة اليمامة الثقافية
النسيان هو الكذبة الكبرى لإرضاء العاطفة .
هذه بداية النّص والفكرة....
عاطفيا نحن ننسى أو نتظاهر بالنسيان كي لا نتألم ونُرضي قلوبنا
منطقيا لا أجد مكانا للنّسيان في حياتنا فنحن نقع تحت رهن الذكريات والظروف
فلسفيا:
هناك نظرة موسعة يمكن أن يطول الشرح فيها؛ فنحن فعليا لا ننسى؛ نحن نرتب أولوياتنا من جديد؛ فعقولنا تعمل ضمن نطاق عمل قوقل تماما " الأكثر بحثا يظهر في البداية" هذه عقولنا وهذه كيفية عملها؛ حينما نفترق عمّن نحب أو يموت أحد ما لنا أو نخسر صديقا فإننا نتألم كثيرا لدرجة أننا نتخيل الحياة قد أصبحت فارغة مرة واحدة؛ هنا سنعيش مراحل كثيرة؛ تبدأ بالإنكار وتنتهي بالتأقلم وما بينهما تكيّف وتغاضي وقبول للحالة النفسية التي أصبحنا عليها.
الإنكار أو مراحل الحزن أو بالأحرى أول طريقة نفسية للإعتراض عما يحدث.
ذهب الذي ذهب ولكن عقولنا تُنكر ذهابه ولا زالت تعيش طقوس حضوره وضحكته و عفوية لفظه للكلمات الجميلة؛ لا بأس بعيش هذه الحالة بشكل طبيعي لشهرين أو ثلاثة ولكن إن زادت فهنا سندخل في حالة " إضطراب ما بعد الصدمة " وسوف نحتاج لتدخل الدعم النفسي وتعديل السلوك.
ما أن تنتهي مرحلة الإنكار طبيعا فإننا نحتاج بأن نجد اهتماماتٍ جديدة كي يبدأ عقلنا الواعي بالتعامل يوميا مع اهتماماته الجديدة؛ وشيئا فشيئا يبدأ تخزينها على هيئة أولويات في اللاوعي ومن هنا تبدأ عملية الترتيب في الذاكرة فمن إعتدت على حضوره قد فلَّ وذهب وما عاد في اهتمامات يومك .
الأمر أشبه بالظهور يوميا أمام المرآة فكأنما تحفظ ملامحك وإذا ما غبت أنت عن نفسك ستجد أنك تقول" والله زمان ما شفت حالي بالمراية ناسي شكلي !!" هذه جملة نمطية يطلقها عقلك كي يذكّرك برؤية نفسك؛ وهنا لو استبدلنا الأمر بما نريد أن ننساه فلا يجب علينا أن نتذكره؛ علينا أن نغيّر المبدأ قليلا وأن لا نُركّز على ما نريده نسيانه أو _ إعادة ترتيبه في ذاكرتنا _ بل يجب علينا إهماله؛ ليس كل المُشكلات تُحلّ بالتّركيز عليها ووضع خطّة للتعامل معها؛ بعض المشكلات فقط يمكننا إهمالها وسوف نتخطّاها بسهولة؛ فإن في كثيرٍ من الأحيان أكثر شيءٍ نريد أن ننساه؛ نتذكرهُ ، وهذا ليس لصعوبته بل لتركيز قوانا العقليه في فعل ذلك .
الأمر ليس صعبا كل ما علينا فعله أن نضع في خاطرنا بأن هذا الشيء ليس من اهتمامنا وسنتخلص منه وأن نقوم بخلق اهتماماتٍ جديدة وكل شيء سيكون على ما يُرام.
النسيان حقيقة لا يمكن التغاضي عنه؛ لكنه وهم لا يمكن انكاره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق