الأربعاء، 3 يوليو 2019

مصلح أبو غالي: من عدو المرأة؟!



مصلح أبو غالي - بوابة اليمامة الثقافية 

مما لا شك فيه أن العقلَ الشرقيَّ عقلٌ ذكوريٌّ مُتحجِّرٌ، مريضٌ بحبِّ السيطرةِ ممتلئٌ بالغرور، ومما لا يختلف عليه عاقلان أنَّ "المستذكرَ" عدوٌّ خطيرٌ للمرأةِ حيث يخوضُ حربًا غيرَ متعادلةِ الأطراف بين الشوك والورد، حربًا مسعورةً تكون بين دبابةٍ وزجاجةِ عطر
أما الشيءُ الطبيعيُّ الغريبُ أن الرجلَ وحدهُ الذي يخسر في هذه الحرب فهو إن كسبَ حربَهُ خسرَ رجولتَهُ، وإن خسارتَه لرجولته تعني خسارته لنفسه، حينها فقط سيصبحُ صخرةً ممدَّدةً على رصيفٍ بعيدٍ في شارعٍ قديمٍ لا يعرفهُ أحدٌ ولا يزورهُ إلا الأشباحُ والقطط!
ولكن هل الرجل هو عدوُّ المرأةِ الوحيد؟ وإنَّ كان هناك أعداء آخرون فأيهما أخطر؟.

في الحقيقة أنا لا أرى الرجلَ إلا عدوًّا مُغفَّلًا ووحشًا طيِّبًا -في بعض تقلُّباتهِ- فإن عداءه واضحٌ كوضوحِ الشمس و"الشمس لا تُغطى بغُربال)! وإنَّ أغلب تصرفاته وعدوانيتهِ تكونُ رَدَّةَ فعلٍ على تصرُّفٍ ما
فإنَّ (شهريار) لم يكنْ مُجرمًا كما صوَّرته الحكايات فقد كان يذبح النساء لأنه يرفضُ انسياقهنَّ إليه وتعطُّشهنَّ لسريره
كان يذبح التفاهة  الموجودة في أعماق النساء ويبحثُ في دمائهنَّ عن"شهرزاد" التي ذبحتْ قلبَهُ فيما بعد


أما العدوُّ الحقيقيُّ ما يزال مختبئًا منذ بَدء الخليقةِ، ما يزال-حتى اليوم- يلبسُ قناعًا ناعمًا لكنه يتغلغل كالدود داخل المرأة ليهزمَها من الداخل

العدوُّ الحقيقيُّ للمرأة هي المرأة نفسُها!!

إنَّ حربَ المرأةِ مع كينونتِها حربٌ دمويةٌ ليست عادلة لأنها تعطينا احتمالًا واحدًا، ولا تتعامل إلا مع معطياتٍ خطيرةٍ، ولا ينتج عنها إلا القتل!
هذه الحربُ عربيةُ الأطباع جاهليةُ العقل، هذه معركة داحس والغبراء بتكرُّرِ السيناريو واختلافِ الشخصيات

المرأة المغفلة التي تستسلم للجهل والخوف، وتفتح ذراعيها للاستعباد هي عدوَّةُ نفسِها
هي الغولُ الحقيقيُّ الذي يلتهمُ ذاتَها ويُنقصُ قَدْرَها
فإن الصورةَ القبيحةَ تدلُّ على الكاميرا المتعطلة كما تدلُّ كأسُ الخمرِ على وجودِ سِكّير
هذه المرأة هي التي تجعل المرأة سلعةً رخيصةً يمكن المتاجرةَ بجسدها أو بأحلامها أو قطعةَ لحمٍ شهيٍّ تُقدم لأيِّ جائعٍ على مائدةِ غرفة نوم!


فإلى متى أيتها النساء تحاربْنَ أنفُسكنَّ؟
إلى متى تقتلنَ براءتكُنَّ وتسفهنَ أحلامكنَّ؟

أنتنَّ التي تعقنَ تقدمكنَّ وانخراطكنَّ بالمجتمع

الأنوثة تصنع المعجزات المحدودة التي تكون داخل محيط نسبي يسمى الحب لكنها لا تقدم جهازَ تنفُّسٍ صناعي، ولا تصنع للمرأة قصةَ نجاح
لا يمكن للأنوثة أن تزرعَ وردةً في حقلِ ألغام

 والحل؟!

إنَّ أفضلَ الحلول تلك التي تخرج من بين النار لتطفئها فهي أعلمُ الناس بدرجةِ احتراقِها وخطورةِ استمرارِها
آن الأوان لتثبتنَ أنفُسُكنَّ وتتغلبنَ عليها
لا تثبتوا للرجال أنكنَّ أهلٌ للثقة فإنَّكنَّ أولى بأنفسكنَّ
لا يجب أن تنتظرنَ أحدًا غيركنَّ ليستعيرَ أساوركنَّ، ويرتدي فساتينَكنَّ، ويسرقَ حناجركنَّ ليصرخ باسمكنَّ...
إنَّكنَّ أولى بأنفسكنَّ

آن الأوان أيتها النساء أن تخضنَّ حربًا واحدةً صادقةً جريئةً ضدَّكُنَّ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب: قراءة تحليلية

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب قراءة تحليلية بقلم/ جواد العقاد – فلسطين المحتلة أولًا- النص:   مل...