الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

حول مجموعة بكاء الفجر للأديبة بشرى أبو شرار بقلم: جواد العقاد




حول المجموعة القصصية (بكاء الفجر) للأديبة الفلسطينية بُشرى أبو شرار.

(بكاءُ الفجر) ليستْ العمل الأدبي الأول الذي أقرأه للمبدعة الكبيرة بشرى أبو شرار ؛ لذلك لم أتفاجئ من كميةِ الهم الإنساني والوطني الذي تتغنى به- بُشرى - في هذه المجموعة كباقي أعمالِها سواء الروائية أو القصصية،وكالعادة مضامينُ المجموعة واقعية تعلمُنا الكثيرَ وتضيفُ الجديدَ للأدب ِالعربي والفلسطيني خاصةً.
العنوان (بكاء الفجر) هو أيضاً عنوان إحدى قصص المجموعة -على عادة الأدباء - ولكنه مختارٌ بدقة سواء عن قصد،أو في العقل الباطن من خلال الحالة التي عاشتها الكاتبة ومدى تأثير موضوعات المجموعة فيها، فهو مشبعٌ بالألم ِوالأملِ والحلمِ الفلسطيني، "فالبكاءُ " هو تعبيرٌ عن القهرِ الذي يعيشُه الإنسانُ الفلسطيني منذُ زمنٍ طويل، فقد طالَ الليلُ كثيرًا وتوحشَ الظلامُ أكثر، ولكن "ولابد لليلٍ أنْ ينجلي "، والفجرُ دائماً فيه دلالةُ الأملِ وبدايةُ النور.

جاءَ في إهداءِ المجموعة: " أبحثُ عني.. أجدني هناك،حيث تلالِها الشقراء
أرنو لشمسِ المغيب
إلى غزة التي أحبُّ...  "
إنَّ الحنينَ متعبٌ ، والذاكرةُ تشكلُ وعي الإنسان وأحلامه وطموحه وتثبت مدى أصالته وارتباطه بأرضه.
بُشرى الفلسطينية المُغتربة، تعيشُ حالةً من الحنينِ إلى الوطن والطفولة، إلى بلدتِها الأم دورا، وغزة التي عاشتْ فيها طفولتها حيث عبق الذكريات، هي مغتربةٌ وروحُها في الوطن.

تمتازُ قصصُ المجموعة بالتكثيفِ والقصرِ مع أداء الفكرةِ المنشودةِ كاملةً، والحفاظ على الأسلوبِ الأدبي الراقي الذي أخرجَ الكلام من اللغةِ العادية إلى لغةِ الأدب المُترفعة. أما عناوينُ القصص فمتلائمة ٌمع المضامين معبرةٌ عنها بشكلٍ لافت.
هي مجموعةٌ واقعية ٌخالصةٌ ثرية ٌبالتفاصيلِ اليوميةِ للإنسان العادي، تُؤرخُ للقهر ِالذي عاشه ومازالْ يعيشُه الفلسطيني لاسيما في قطاعِ غزة حيثُ إنَّ الكاتبة أهدتْ مجموعتها إلى غزة " إلى غزة التي أحبُّ "، وقد كُتبتْ قصصُ المجموعة من( بداية عام 2009م - نهاية عام 2010م) تقريبًا وبهذا تحدثتْ الكاتبةُ فيها عن حربِ غزة (أواخر عام 2010) وركزتْ بشكلٍ واضحٍ على تفاصيلِ الحياةِ اليوميةِ للإنسان العادي وبحثه عن مأوى ومأكلٍ في ظلِّ العنجهيةِ والخرابِ الكبير.

استدراك: نعرفُ تمامًا أن مهمةَ الأدب محاكاةُ الواقعِ وليس وصف الأحداثِ كما هي، فالأديبُ ليس مصورًا بل يلتقطُ حالةً إنسانيةً معينةً ويركزُ عليها مستعينًا بالخيالِ وعناصرِ الجنسِ الأدبيّ الذي يكتبُ في إطاره، فهو لا ينقلُ الأحداث؛ لأنه لا يؤرخُ بل يرنو إلى التأثير ِفي أعماقِ النفس البشريةِ وفَهم مكنونات الإنسان .
والخيالُ شرطٌ رئيسٌ في الأدبِ كما هو واضحٌ في التعريفِ الشائع ِله: " كتاباتٌ مرتبةٌ بوضوحٍ تحت تأثير ِالتخيل ".  بدون الخيال لا يكون أدبًا والمقصودُ بالخيالِ هنا شخصياتٌ وأحداثٌ من خَلقِ الكاتبِ على الورق.  هكذا رؤيتي الخاصة لهذه المجموعة.

- جواد العقاد ، فلسطين 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب: قراءة تحليلية

جمالية التمرد في قصيدة" أغنية الردة" للشاعر أنور الخطيب قراءة تحليلية بقلم/ جواد العقاد – فلسطين المحتلة أولًا- النص:   مل...